۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞
ܔ҉ೋܔ ¨°o.O ( اعضاؤنا الكرام)¨°o.O ܔ҉ೋܔ
تواجدكم ومشاركتكم معنا هو مايدفعنا دائما إلى الأمام
وإلى أن نحقق ما ينال رضا الله ورضاكم عنا
أدعوك للمشاركة والوقوف بجانبنا فنحن نحتاجك كعضو مشارك أكثر من كونك عضو مسجل
فعضو يفيد ويستفيد خير من 1000 عضو يأخذ فقط دون أن يعطى ولو معلومة اوموضوع واحد
ننتظركم من جديد وننتظركم دائما
عليك بعد التسجيل بتفعيل الاشتراك من ايميلك
وكل عام وأنتم بخير
ولكم خالص تحياتى ღॐணॐೋ أداره المنتدى ღॐணॐೋ
۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞
ܔ҉ೋܔ ¨°o.O ( اعضاؤنا الكرام)¨°o.O ܔ҉ೋܔ
تواجدكم ومشاركتكم معنا هو مايدفعنا دائما إلى الأمام
وإلى أن نحقق ما ينال رضا الله ورضاكم عنا
أدعوك للمشاركة والوقوف بجانبنا فنحن نحتاجك كعضو مشارك أكثر من كونك عضو مسجل
فعضو يفيد ويستفيد خير من 1000 عضو يأخذ فقط دون أن يعطى ولو معلومة اوموضوع واحد
ننتظركم من جديد وننتظركم دائما
عليك بعد التسجيل بتفعيل الاشتراك من ايميلك
وكل عام وأنتم بخير
ولكم خالص تحياتى ღॐணॐೋ أداره المنتدى ღॐணॐೋ
۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.

۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞

عسر قراءة-عسركتابة-عسراملاء-صعوبات تعلم-صعوبات اكاديميه -ديسلكسيا
 
الرئيسيةأحدث الصورالتسجيلدخول
دخول
اسم العضو:
كلمة السر:
ادخلني بشكل آلي عند زيارتي مرة اخرى: 
:: لقد نسيت كلمة السر
المواضيع الأخيرة
» مكارم الأخلاق في القرآن الكريم
سورة التوبة Emptyالجمعة أكتوبر 21, 2011 10:49 pm من طرف hany1

» تفسيرسورة الإسراء
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 7:05 pm من طرف hany1

» سورة النحل
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:53 pm من طرف hany1

» سورة الحجر
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:43 pm من طرف hany1

» سورة إبراهيم
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:37 pm من طرف hany1

» تفسيرسورة الرعد
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:33 pm من طرف hany1

» تفسيرسورة يوسف
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:24 pm من طرف hany1

» تفسيرسورة هود
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:19 pm من طرف hany1

» سورة يونس
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:07 pm من طرف hany1

» سورة التوبة
سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:00 pm من طرف hany1

أفضل 10 أعضاء في هذا المنتدى
hany1
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
مديرة المنتدى
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
mahany2011
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
rasha
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
soso
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
مصريه بجد
سورة التوبة Vote_rcapسورة التوبة Voting_barسورة التوبة Vote_lcap 
التبادل الاعلاني

انشاء منتدى مجاني



بحـث
 
 

نتائج البحث
 
Rechercher بحث متقدم
مواضيع مماثلة
المواضيع الأكثر شعبية
مراتب الحديث الضعيف
الكذب وعواقبه
اهميه الزكاه وفضلها
مكارم الأخلاق في القرآن الكريم
سورة البقرة
سورة التوبة
سورة يونس
سورة الأنعام
القول الفصيح فى معرفه مراتب الحديث الصحيح
تفسيرسورة الإسراء
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية
تسجيل صفحاتك المفضلة في مواقع خارجية reddit      

قم بحفض و مشاطرة الرابط ۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞ على موقع حفض الصفحات
أبريل 2024
الإثنينالثلاثاءالأربعاءالخميسالجمعةالسبتالأحد
1234567
891011121314
15161718192021
22232425262728
2930     
اليوميةاليومية

 

 سورة التوبة

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
hany1
المشرف العام
المشرف العام



عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 30/09/2011

سورة التوبة Empty
مُساهمةموضوع: سورة التوبة   سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 5:55 pm


سورة التوبة
{ بَرَآءَةٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ } * { فَسِيحُواْ فِي ٱلأَرْضِ أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَأَنَّ ٱللَّهَ مُخْزِي ٱلْكَافِرِينَ } * { وَأَذَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ إِلَى ٱلنَّاسِ يَوْمَ ٱلْحَجِّ ٱلأَكْبَرِ أَنَّ ٱللَّهَ بَرِيۤءٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ وَرَسُولُهُ فَإِن تُبْتُمْ فَهُوَ خَيْرٌ لَّكُمْ وَإِن تَوَلَّيْتُمْ فَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّكُمْ غَيْرُ مُعْجِزِي ٱللَّهِ وَبَشِّرِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدتُّم مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ثُمَّ لَمْ يَنقُصُوكُمْ شَيْئاً وَلَمْ يُظَاهِرُواْ عَلَيْكُمْ أَحَداً فَأَتِمُّوۤاْ إِلَيْهِمْ عَهْدَهُمْ إِلَىٰ مُدَّتِهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ }

شرح الكلمات:

{ براءة }: أي هذه براءة بمعنى تبرؤ وتباعد وتخلص.

{ عاهدتم }: أي جعلتم بينكم وبينهم عهداً وميثاقاً.

{ فسيحوا في الأرض }: أي سيروا في الأرض طالبين لكم الخلاص.

{ مخزي الكافرين }: مذل الكافرين ومهينهم.

{ وأذان من الله }: إعلام منه تعالى.

{ يوم الحج الأكبر }: أي يوم عيد النحر.

{ لم ينقصوكم شيئاً }: أي من شروط المعاهدة وبنود الاتفاقية.

{ ولم يظاهرون عليكم أحداً }: أي لم يعينوا عليكم أحداً.

معنى الآيات:

هذه السورة القرآنية الوحيدة التي خلت من البسملة لأنها مفتتحة بآيات عذاب فتنافى معها ذكر الرحمة، وهذه السورة من آخر ما نزل من سورة القرآن الكريم وقد بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم وبعض الصحابة في حج سنة تسع يقرأون هذه الآيات في الموسم، وهي تعلم المشركين أن من كان له عهد مطلق بلا شهر أو سنة مثلاً أو كان له عهد دون أربعة أشهر، أو كان له عهد فوق أربعة أشهر ونقضه تُعْلِمُهُم بأن عليهم أن يسيحوا في الأرض بأمان كامل مدة أربعة أشهر فإن أسلموا فهو خير لهم وإن خرجوا من الجزيرة فإن لهم ذلك وإن بقوا كافرين فسوف يؤخذون ويقتلون حيثما وجدوا في ديار الجزيرة التي أصبحت دار إسلام بفتح مكة ودخول أهل الطائف في الإِسلام هذا معنى قوله تعالى { براءة من الله ورسوله } أي واصلة { إلى الذين عاهدتم من المشركين فسيحوا في الأرض أربعة أشهر } تبدأ من يوم الإِعلان عن ذلك وهو يوم العيد الأضحى. وقوله تعالى { وأذان من الله ورسوله } أي محمد صلى الله عليه وسلم. والأذان الإِعلان والإِعلام، { إلى الناس } وهم المشركون { يوم الحج الأكبر } أي يوم عيد الأضحى حيث تفرّغ الحجاج للاقامة بمنى للراحة والاستجمام قبل العودة إلى ديارهم، وصورة الإِعلان عن تلك البراءة هي قوله تعالى { أنّ الله بريء من المشركين ورسوله } أي كذلك بريء من المشركين وعليه { فإن تبتم } أيها المشركون الى طاعة الله بتوحيده والإِيمان برسوله وطاعته وطاعة رسوله { فهوة خير لكم } من الإِصرار على الشرك والكفر والعصيان، { وإن توليتم } أي أعرضتم عن الإِيمان والطاعة { فاعلموا أنكم غير معجزي الله } بحال من الأحوال فلن تفوتوه ولن تهربوا من سلطانه فإن الله تعالى لا يغلبه غالب، ولا يفوته هارب ثم قال تعالى لرسوله { وبر الذين كفروا بعذاب أليم } أي أخبرهم به فإنه واقع بهم لا محالة إلا أن يتوبوا وقوله تعالى في الآية الرابعة (4) { إلا الذين عاهدتم من المشركين ثم لم ينقصوكم } من شروط المعاهدة { شيئاً ولم يظاهروا } أي لم يعاونوا { عليكم أحداً } لا برجال ولا بسلاح ولا حتى بمشورة ورأي فهؤلاء لم يبرأ الله تعالى منهم ولا رسوله، وعليه { فأتموا إليهم عهدهم إلى مدتهم } أي مدة أجلهم المحدد بزمن معين فوفوا لهم ولا تنقضوا لهم عهداً إلى أن ينقضوه هم بأنفسهم، أو تنتهي مدتهم وحينئذ إما الإِسلام وإما السيف إل لم يبق مجال لبقاء الشرك في دار الإِسلام وقبته.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- جواز عقد المعاهدات بين المسلمين والكافرين إذا كان ذلك لدفع ضرر محقق عن المسلمين، أو جلب نفع للإِسلام والمسلمين محققاً كذلك.

2- تحريم الغدر والخيانة، ولذا كان إلغاء المعاهدت علنياً وإمداد أصحابها بمدة ثلث سنة يفكرون في أمرهم ويطلبون الأصلح لهم.

3- وجوب الوفاء بالمعاهدات ذات الآجال إلى أجلها إلا أن ينقضها المعاهدون.

4- فضل التقوى وأهلها وهو اتقاء سخط الله بفعل المحبوب له تعالى وترك المكروه.

{ فَإِذَا ٱنسَلَخَ ٱلأَشْهُرُ ٱلْحُرُمُ فَٱقْتُلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدتُّمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَٱحْصُرُوهُمْ وَٱقْعُدُواْ لَهُمْ كُلَّ مَرْصَدٍ فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَاةَ فَخَلُّواْ سَبِيلَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَإِنْ أَحَدٌ مِّنَ ٱلْمُشْرِكِينَ ٱسْتَجَارَكَ فَأَجِرْهُ حَتَّىٰ يَسْمَعَ كَلاَمَ ٱللَّهِ ثُمَّ أَبْلِغْهُ مَأْمَنَهُ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَعْلَمُونَ } * { كَيْفَ يَكُونُ لِلْمُشْرِكِينَ عَهْدٌ عِندَ ٱللَّهِ وَعِندَ رَسُولِهِ إِلاَّ ٱلَّذِينَ عَاهَدْتُمْ عِندَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ فَمَا ٱسْتَقَامُواْ لَكُمْ فَٱسْتَقِيمُواْ لَهُمْ إِنَّ ٱللَّهَ يُحِبُّ ٱلْمُتَّقِينَ } * { كَيْفَ وَإِن يَظْهَرُوا عَلَيْكُمْ لاَ يَرْقُبُواْ فِيكُمْ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً يُرْضُونَكُم بِأَفْوَاهِهِمْ وَتَأْبَىٰ قُلُوبُهُمْ وَأَكْثَرُهُمْ فَاسِقُونَ }

شرح الكلمات:

{ فإذا انسلخ الأشهر الحرم }: انقضت وخرجت الأشهر الأربعة التي أمنتم فيها المشركين.

{ حيث وجدتموهم }: أي في أي مكان لقيتموهم في الحل أو الحرم.

{ وخذوهم }: أي أسرى.

{ وأحصروهم }: أي حاصروهم حتى يسلموا أنفسهم.

{ واقعدوا لهم كل مرصد }: أي اقعدوا لهم في طرقاتهم وارصدوا تحركاتهم.

{ فإن تابوا }: أي آمنوا بالله ورسوله.

{ فخذوا سبيلهم }: أي اتركوهم فلا حصار ولا مطاردة ولا قتال.

{ استجارك }: أي طلب جوارك أي حمايتك.

{ مأمنه }: أي المكان الذي يأمن فيه.

{ فما استقاموا لكم }: أي لم ينقضوا عهدهم ولم يخلوا بالاتفاقية.

{ وإن يظهروا عليكم }: أي يغلبوكم.

{ لا يرقبوا فيكم }: أي لا يراعوا فيكم ولا يحترموا.

{ إلاَّ ولا ذمة }: أي لا قرابة، ولا عهداً فالإلّ: القرابة والذمة: العهد.

معنى الآيات:

ما زال السياق في إعلان الحرب العامة على المشركين تطهيراً لأرض الجزيرة التي هي دار الإِسلام وحوزته من بقايا الشرك والمشركين، فقال تعالى لرسوله والمؤمنين { فإذا انسلخ الأشهر الحرم } أي إذا انقضت وخرجت الأشهر الحرم التي أمنتم فيها المشركين الذين لا عهد لهم أولهم ولكن دون أربعة أشهر الحرم التي أمنتم فيها المشركين المشركين حيث وجدتموهم } في الحل والحرم سواء { وخذوهم } أسرى { واحصروهم } حتى يستسلموا، { واقعدوا لهم كل مرصد } أي سدوا عليهم الطرق حتى يقدموا أنفسهم مسلمين أو مستسلمين وقوله تعالى { فإن تابوا } أي من الشرك وحربكم { وأقاموا الصلاة وآتوا الزكاة فخلوا سبيلهم } إذ أصبحوا مسلمين مثلكم. وقوله { إن الله غفور رحيم } أي أن الله سيغفر لهم ويرحمهم بعد إسلامهم، لأنه تعالى غفور رحيم، هذا ما دلت عليه الآية الأولى (5) أما الآية الثانية (6) فقد أمر تعالى رسوله أن يجير من طلب جواره من المشركين حتى يسمع كلام الله منه صلى الله عليه وسلم ويتفهم دعوة الإِسلام ثم هو بالخيار إن شاء أسلم وذلك خير له وإن لم يسلم رده رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى مكان يأمن فيه من المسلمين أن يقتلوه.

وهو معنى قوله تعالى { وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله، ثم أبلغه مأمنه، ذلك بأنهم قوم لا يعلمون } فلذا قبل منهم ما طلبوه من الجوار حتى يسمعوا كلام الله تعالى إذ لو علموا ما رغبوا عن التوحيد إلى الشرك. وقوله تعالى في الآية الثالثة (7) { كيف يكون للمشركين عهد عند الله وعند رسوله } هذا الاستفهام للنفي مع التعجب أي ليس لهم عهد أبداً وهم كافرون غادرون، وقوله تعالى { إلا الذين عاهدتم عند المسجد الحرام فما استقاموا لكم فاستقيموا لهم إن الله يحب المتقين } هؤلاء بعض بني بكر بن كنانة عاهدهم رسول الله صلى الله عليه وسلم عام صلح الحديبية وهم استقام لهم المسلمون ولم يقتلوهم وفاء بعهدهم وتقوى لله تعالى لأنه يكره الغدر ويحب المتقين لذلك.

وقوله تعالى { كيف وإن يظهروا عليكم لا يرقبوا فيكم إلاَّ ولا ذمة } الاستفهام للتعجب أي كيف يكون للمشركين عهد يفون به لكم وهم إن يظهروا عليكم يغلبوكم في معركة، { لا يرقبوا فيكم } أي لا يراعوا الله تعالى ولا القرابة ولا الذمة بل يقتلوكم قتلاً ذريعاً، وقوله تعالى { يرضونكم بأفواههم وتأبى قلوبهم } إخبار من الله تعالى عن أولئك المشركين الناكثين للعهد الغادرين بأنهم يحاولون إرضاء المؤمنين بالكذب بأفواههم، وقلوبهم الكافرة تأبى ذلك الذي يقولون بألسنتهم أي فلا تعتقده ولا تقره، { وأكثرهم فاسقون } لا يعرفون الطاعة ولا الالتزام لا بعهد ولا دين، والجملة فيها تهييج للمسلمين على قتال المشركين ومحاصرتهم وأخذهم تطهيراً لأرض الجزيرة منهم قبل وفاة الرسول صلى الله عليه وسلم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب الوفاء بالعهود ما لم ينقضها المعاهدون.

2- تقرير مبدأ الحزم في القتال والضرب بشدة.

3- وجوب تطهير الجزيرة من كل شرك وكفر لأنها دار الإِسلام.

4- إقام الصلاة شرط في صحة الإِيمان فمن تركها فهو كافر غير مؤمن.

5- احترام الجوار، والإِقرار به، وتأمين السفراء والممثلين لدولة كافرة.

6- قبول طلب كل من طلب من الكافرين الإِذن له بدخول بلاد الإِسلام ليتعلم الدين الإِسلامي.

7- القرآن كلام الله تعالى حقاً بحروفه ومعانيه لقوله { حتى يسمع كلام الله } الذي يتلوه عليه صلى الله عليه وسلم.

8- وجوب مراقبة الله تعالى ومراعاة القرابة واحترام العهود.

{ ٱشْتَرَوْاْ بِآيَاتِ ٱللَّهِ ثَمَناً قَلِيلاً فَصَدُّواْ عَن سَبِيلِهِ إِنَّهُمْ سَآءَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { لاَ يَرْقُبُونَ فِي مُؤْمِنٍ إِلاًّ وَلاَ ذِمَّةً وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُعْتَدُونَ } * { فَإِن تَابُواْ وَأَقَامُواْ ٱلصَّلاَةَ وَآتَوُاْ ٱلزَّكَاةَ فَإِخْوَانُكُمْ فِي ٱلدِّينِ وَنُفَصِّلُ ٱلآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ } * { وَإِن نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُم مِّن بَعْدِ عَهْدِهِمْ وَطَعَنُواْ فِي دِينِكُمْ فَقَاتِلُوۤاْ أَئِمَّةَ ٱلْكُفْرِ إِنَّهُمْ لاَ أَيْمَانَ لَهُمْ لَعَلَّهُمْ يَنتَهُونَ }

شرح الكلمات:

{ اشتروا بآيات الله }: أي باعوا آيات الله وأخذوا بدلها الكفر.

{ فصدوا عن سبيله }: أي أعرضوا عن سبيل الله التي هي الإِسلام كما صدوا غيرهم أيضاً.

{ ساء }: أي قبح.

{ لا يرقبون }: أي لا يراعون.

{ إلاَّ }: الإِل: الله، والقرابة والعهد وكلها صالحة هنا.

{ فإن تابوا }: أي من الشرك والمحاربة.

{ نكثوا }: أي نقضوا وغدروا.

{ وطعنوا في دينكم }: أي انتقدوا الإِسلام في عقائده أو عباداته ومعاملاته.

{ أئمة الكفر }: أي رؤساء الكفر المتبعين والمقلدين في الشرك والشر والفساد.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن المشركين، وبيان ما يلزم اتخاذه حيالهم فأخبر تعالى عنهم بقوله في الآية (9) { اشتروا بآيات الله ثمناً قليلاً } أي باعوا الإِيمان بالكفر فصدوا أنفسهم كما صدوا غيرهم من أتباعهم عن الإِسلام الذي هو منهج حياتهم وطريق سعادتهم وكمالهم. فلذا قال تعالى مُقبحاً سلوكهم { إنهم ساء ما كانوا يعملون } كما أخبر تعالى عنهم بأنهم لا يراعون في أي مؤمن يتمكنون منه الله عز وجل ولا قرابة بينه وبينهم، ولا معاهدة تربطهم مع قومه، فقال تعالى { لا يرقبون في مؤمن إلاَّ ولا ذمة، وأولئك هم المعتدون } ووصفه تعالى إياهم بالاعتداء دال على أنهم لا يحترمون عهوداً ولا يتقون الله تعالى فى شيء، وذلك لظلمة نفوسهم من جراء الكفر والعصيان، فلذا على المسلمين قتلهم حيث وجدوهم وأخذهم أسرى وحصارهم وسد الطرق عنهم حتى يلقوا السلاح ويسلموا لله، أو يستسلموا للمؤمنين اللهم إلا أن يتوبوا بالإِيمان والدخول في الإِسلام كما قال تعالى { فإن تابوا وأقاموا الصلاة وأتوا الزكاة فإخوانكم في الدين } وقوله تعالى { ونفصل الآيات لقوم يعلمون } أي نبين الآيات القرآنية المشتملة على الحجج والبراهين على توحيد الله تعالى وتقرير نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعلى الأحكام الشرعية في الحرب والسلم كما في هذا السياق وقوله { لقوم يعلمون } لأن الذين لا يعلمون من أهل الجهالات لا ينتفعون بها لظلمة نفوسهم وفساد عقولهم بضلال الشرك والأهواء وقوله تعالى في الآية الرابعة (12) { وإن نكثوا أيمانهم من بعد عهدهم وطعنوا في دينكم } يريد تعالى أولئك المعاهدين من المشركين إذ هم نكثوا أيمانهم التي أكدوا بها عهودهم فحلوا ما أبرموا ونقضوا ما أحكموا من عهد وميثاق وعابوا الإِسلام وطعنوا فيه فهم إذاً أئمة الكفر ورؤساء الكافرين فقاتلوهم بلا هوادة، ولا تراعوا لهم أيماناً حلفوها لكم فإنهم لا إيمان لهم. قاتلوهم رجاء أن ينتهوا من الكفر والخيانة والغدر فيوحدوا ويسلموا ويصبحوا مثلكم أولياء الله لا أعداءه.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- ذم سلوك الكافرين وتصرفاتهم في الحياة وحسبهم أن باعوا الحق بالباطل، واشتروا الضلالة بالهدى.

2- من كان الاعتداء وصفاً لا لا يُؤمن على شيء، ولا يوثق فيه في شيء، لفساد ملكته النفسية.

3- أخوة الإِسلام تثبت بثلاثة أمور التوحيد وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة.

4- الطعن في الدين ردة وكفر موجب للقتل والقتال.

{ أَلاَ تُقَاتِلُونَ قَوْماً نَّكَثُوۤاْ أَيْمَانَهُمْ وَهَمُّواْ بِإِخْرَاجِ ٱلرَّسُولِ وَهُم بَدَءُوكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ أَتَخْشَوْنَهُمْ فَٱللَّهُ أَحَقُّ أَن تَخْشَوْهُ إِن كُنتُمْ مُّؤُمِنِينَ } * { قَاتِلُوهُمْ يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ بِأَيْدِيكُمْ وَيُخْزِهِمْ وَيَنْصُرْكُمْ عَلَيْهِمْ وَيَشْفِ صُدُورَ قَوْمٍ مُّؤْمِنِينَ } * { وَيُذْهِبْ غَيْظَ قُلُوبِهِمْ وَيَتُوبُ ٱللَّهُ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { أَمْ حَسِبْتُمْ أَن تُتْرَكُواْ وَلَمَّا يَعْلَمِ ٱللَّهُ ٱلَّذِينَ جَاهَدُواْ مِنكُمْ وَلَمْ يَتَّخِذُواْ مِن دُونِ ٱللَّهِ وَلاَ رَسُولِهِ وَلاَ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَلِيجَةً وَٱللَّهُ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ }

شرح الكلمات:

{ ألا }: أداة تحضيض.

{ نكثوا أيمانهم }: نقضوها وحلوها فلم يلتزموا بها.

{ هموا بإخراج الرسول }: من دار الندوة إذ عزموا على واحد من ثلاث الحبس أو النفي أو القتل.

{ أول مرة }: أي في بدر أو في ماء الهجير حيث أعانت قريش بني بكر على خزاعة.

{ ويخزهم }: أي يذلهم ويهينهم.

{ ويشف صدور }: أي يذهب الغيظ الذي كان بها على المشركين الظالمين.

{ ان تتركوا }: أي بدون امتحان، بالتكاليف كالجهاد.

{ وليجه }: أي دخيله وهي الرجل يدخل في القوم وهو ليس منهم ويطلعونه على أسرارهم وبواطن أمورهم.

معنى الآيات: ما زال السياق في الحديث عن المشركين وما يلزم إزاءهم من إجراءات فإنه بعد أن أعطاهم المدة المذكورة وأمنهم فيها وهي أربعة أشهر، وقد انسلخت فلم يبق إلا قتالهم وأخذهم وإنهاء عصبة المشركين وآثارها في ديار الله فقال تعالى حاضاً المؤمنين مهيجاً لهم { ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم } وهذه خطيئة كافية في وجوب قتالهم، وثانية همهم بإخراج الرسول من بين أظهرهم من مكة وثالثة بدؤهم إياكم بالقتال في بدر، إذ عيرهم نحت وأبوا إلا أن يقاتلوكم، إذاً فلم لا تقاتلونهم؟ أتتركون قتالهم خشية منهم وخوفاً إن كان هذا { فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } ، لأن ما لدى الله تعالى من العذاب ليس لدى المشركين فالله أحق أن يخشى، هذا ما تضمنته الآية الأولى (13) وهي قوله تعالى { ألا تقاتلون قوماً نكثوا أيمانهم وهموا بإخراج الرسول وهم بدؤوكم أول مرة أتخشونهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين } وفي الآية الثانية (14) يقول تعالى: { قاتلوهم } وهو أمر صريح بالقتال، وبذكر الجزاء المترتب على قتالهم فيقول { يعذّبهم الله بأيدكم ويخزهم وينصركم عليهم ويشف صدور قوم مؤمنين } وهم خزاعة تشفى صدورهم من الغيظ على بني بكر الذين قاتلوهم وأعانتهم قريش عليهم بعد صلح الحديبية، وقوله تعالى: { ويتوب الله على من يشاء } هذه وإن لم تكن جزاء للأمر بالقتال كالأربعة التي قبلها. ولكن سنة الله تعالى أن الناس إذا رأوا انتصار أعدائهم عليهم في كل معركة يميلون إليهم ويقبلون دينهم وما هم عليه من صفات فقتال المؤمنين للكافرين وانتصارهم عليهم يتيح الفرصة لكثير من الكافرين فيسلمون وهو معنى قوله تعالى { ويتوب الله على من يشاء } وقوله { والله عليم حكيم } تقرير للأمر بالقتال والنتائج الطيبة المترتبة عليه آخرها أن يتوب الله على من يشاء. وقوله تعالى في الآية (16) الأخيرة { أم حسبتم أن تتركوا } أي بدون امتحان. وأنتم خليط منكم المؤمن الصادق ومنكم المنافق الكاذب، من جملة ما كان يوحى به المنافقون التثبيط عن القتال بحجة ان مكة فتحت وأن الإِسلام عز فما هناك حاجة الى مطاردة فلول المشركين، وهم يعلمون أن تكتلات يقودها الساخطون على الإِسلام حتى من رجالات قريش يريدون الانقضاض على المسلمين وإهدار كل نصر تحقق لهم، وهذا المعنى ظاهر من سياق الآية { أم حسبتم أن تتركوا ولما يعلم الله الذين جاهدوا منكم ولم يتخذوا من دون الله ولا رسوله ولا المؤمنين وليجة } إذ هناك من اتخذوا من دون الله ورسوله والمؤمنين وليجة يلطعونها على أمور المسلمين، ويسترون عليهم وهي بينهم دخلية، ويقرر هذه الجملة التي ختمت بها الآية وهي قوله تعالى { والله خبير بما تعملون }.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- مشروعية استعمال أسلوب التهييج الإِثارة للجهاد.

2- وجوب خشية الله تعالى بطاعته وترك معصيته.

3- لازم الإِيمان الشجاعة فمن ضعفت شجاعته ضعف إيمانه.

4- من ثمرات القتال دخول الناس في دين الله تعالى.

5- الجهاد عملية تصفية وتطهير لصفوف المؤمنين وقلوبهم أيضاً.

{ مَا كَانَ لِلْمُشْرِكِينَ أَن يَعْمُرُواْ مَسَاجِدَ الله شَاهِدِينَ عَلَىٰ أَنْفُسِهِمْ بِالْكُفْرِ أُوْلَئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ وَفِي ٱلنَّارِ هُمْ خَالِدُونَ } * { إِنَّمَا يَعْمُرُ مَسَاجِدَ ٱللَّهِ مَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَأَقَامَ ٱلصَّلاَةَ وَآتَىٰ ٱلزَّكَاةَ وَلَمْ يَخْشَ إِلاَّ ٱللَّهَ فَعَسَىٰ أُوْلَـٰئِكَ أَن يَكُونُواْ مِنَ ٱلْمُهْتَدِينَ }

شرح الكلمات

{ ما كان للمشركين }: أي ليس من شأنهم أو مما يتأتى لهم.

{ حبطت أعمالهم }: أي بطلت فلا يثابون عليها ولا ينجحون فيها.

{ يعمروا مساجد الله }: أي بالعبادة فيها، وصيانتها وتطهيرها.

{ ولم يخش إلا الله }: أي لم يخف أحداً غير الله تعالى.

{ فعسى }: عسى من الله تعالى كما هي هنا تفيد التحقيق أي هدايتهم محققة.

{ المهتدين }: أي إلى سبيل النجاة من الخسران والظفر بالجنان.

معنى الآيتين:

لا شك أن هناك من المشركين من ادعى أنه يعمر المسجد الحرام بالسدانة والحجابة والسقاية وسواء كان المدعى هذا العباس يوم بدر أو كان غيره فإن الله تعالى أبطل هذا الادعاء وقال { ما كان للمشركين أن يعمروا مساجد الله } أي لا ينبغي له ذلك ولا يصح منهم، وكيف وهم كفار شاهدون على أنفسهم بالكفر، وهل الكافر بالله يعمر بيته وبماذا يعمره؟ وإذا سألت اليهودي ما أنت؟ يقول يهودي، وإذا سألت النصراني، ما أنت؟ يقول نصراني، وإذا سألت الوثني ما أنت؟ يقول مشرك فهذه شهادتهم على أنفسهم بالكفر، وقوله تعالى { أولئك } أي البعداء في الكفر والضلال { حبطت أعمالهم } أي بطلت وضاعت لفقدها الإِخلاص فيها لله تعالى { وفي النار هم خالدون } لا يخرجون منها متى دخولها أبداً، إذ ليس لهم من العمل ما يشفع لهم بالخروج منها. ثم قرر تعالى الحقيقة وهى أن الذين يعمرون مساجد الله حقاً وصدقاً هم المؤمنون الموحدون الذين يقيمون الصلاة ويؤتون الزكاة ويخشون الله تعالى ولا يخشون سواه هؤلاء هم الجديرون بعمارة المساجد بالصلاة والذكر والتعلم للعلم الشرعي فيها زيارة على بنائها وتطهيرها وصيانتها هؤلاء جديرون بالهداية لكل كما وخير يشهد لهذا قوله تعالى { فعسى أولئك أن يكونوا من المهتدين } إلى ما هو الحق والصواب، وإلى سبيل النجاة من النار والفوز بالجنة.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- حرمة دخول الكافر المساجد إلا لحاجة وبإذن من المسلمين.

2- فضيلة عمارة المساجد بالعبادة فيها وتطهيرها وصيانتها.

3- فضيلة المسلم وشرفه، إذ كل من يسأل عن دينه يجيب بجواب هو الكفر إلا المسلم فإنه يقول: مسلم أي لله تعالى فهو إذاً المؤمن وغيره الكافر.

4- وجوب الإِيمان بالله واليوم الآخر وإقام الصلاة وإيتاء الزكاة والخشية من الله تعالى.

5- أهل الأمن والنجاة من النار هم أصحاب الصفات الأربع المذكورة في الآية.

{ أَجَعَلْتُمْ سِقَايَةَ ٱلْحَاجِّ وَعِمَارَةَ ٱلْمَسْجِدِ ٱلْحَرَامِ كَمَنْ آمَنَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَجَاهَدَ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ لاَ يَسْتَوُونَ عِندَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلظَّالِمِينَ } * { ٱلَّذِينَ آمَنُواْ وَهَاجَرُواْ وَجَاهَدُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ أَعْظَمُ دَرَجَةً عِندَ ٱللَّهِ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْفَائِزُونَ } * { يُبَشِّرُهُمْ رَبُّهُم بِرَحْمَةٍ مِّنْهُ وَرِضْوَانٍ وَجَنَّاتٍ لَّهُمْ فِيهَا نَعِيمٌ مُّقِيمٌ } * { خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً إِنَّ ٱللَّهَ عِندَهُ أَجْرٌ عَظِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ سقاية الحاج }: مكان يوضع فيه الماء في المسجد الحرا ويسقى منه الحجاج مجاناً.

{ وعمارة المسجد الحرام }: هنا عباة عن بنائه وصيانته وسدانة البيت فيه.

{ لا يستوون عند الله }: إذ عمارة المسجد الحرام مع الشرك والكفر لا تساوى شيئاً.

{ والله لا يهدي القوم الظالمين }: أي المشركين لا يهديهم لما فيه كمالهم وسعادتهم.

{ ورضوان }: أي رضا الله عز وجل عنهم.

{ نعيم مقيم }: أي دائم لا يزول ولا ينقطع.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الرد على من رأى تفضيل عمارة المسجد الحرام بالسقاية والحجابة والسدانة على الإِيمان والهجرة والجهاد فقال موبخاً لهم { أجعلتم سقاية الحاج وعمارة المسجد الحرام كمن آمن بالله واليوم الآخر وجاهد في سبيل الله لا يستوون } في حكم الله وقضائه بحال من الأحوال، والمشركون ظالمون كيف يكون لعمارتهم للمسجد الحرام وزن أو قيمة تذكر { والله لا يهدي القوم الظالمين } بعد هذا التوبيخ والبيان للحال أخبر تعالى أن { الذين آمنوا وهاجروا وجاهدوا في سبيل الله بأموالهم وأنفسهم } هم { أعظم درجة } ممن آمنوا ولم يستكملوا هذه الصفات الأربع، وأخبر تعالى أنهم هم الفائزون بالنجاة من النار ودخول الجنة، وأعظم من هذا ما جاء في قوله { يبشرهم ربهم برحمة منه } وهي الجنة { ورضوان } منه تعالى وهو أكبر نعيم { وجنات } أي بساتين في الملكوت الأعلى { لهم فيها نعيم مقيم } لا يحول ولا يزول وأنهم خالدون فيها لا يخرجون منها أبداً، { وإن الله عنده أجر عظيم } لا يقادر قدره جعلنا الله تعالى منهم وحشرنا في زمرتهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- أكمل المؤمنين وأعلاهم درجة، وأقربهم من الله منزلة من جمع الصفات الثلاث المذكورة في الآية (20) وهي الإِيمان والهجرة والجهاد في سبيل الله بالمال والنفس.

2- فضل الهجرة والجهاد.

3- تفاوت أهل الجنة في علو درجاتهم.

4- حرمان الظالمين المتوغّلين في الظلم من هداية الله تعالى.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُوۤاْ آبَآءَكُمْ وَإِخْوَانَكُمْ أَوْلِيَآءَ إِنِ ٱسْتَحَبُّواْ ٱلْكُفْرَ عَلَى ٱلإِيمَانِ وَمَن يَتَوَلَّهُمْ مِّنكُمْ فَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلظَّالِمُونَ } * { قُلْ إِن كَانَ آبَاؤُكُمْ وَأَبْنَآؤُكُمْ وَإِخْوَانُكُمْ وَأَزْوَاجُكُمْ وَعَشِيرَتُكُمْ وَأَمْوَالٌ ٱقْتَرَفْتُمُوهَا وَتِجَارَةٌ تَخْشَوْنَ كَسَادَهَا وَمَسَاكِنُ تَرْضَوْنَهَآ أَحَبَّ إِلَيْكُمْ مِّنَ ٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَجِهَادٍ فِي سَبِيلِهِ فَتَرَبَّصُواْ حَتَّىٰ يَأْتِيَ ٱللَّهُ بِأَمْرِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

شرح الكلمات:

{ أولياء }: جمع وليّ وهو من تتولاه بالمحبة والنصرة ويتولاك بمثل ذلك.

{ استحبوا }: أي أحبوا الكفر على الإِيمان.

{ الظالمون }: الظلم وضع الشيء في غير موضعه، ومن أحب من لا تجوز محبته فقد وضع شيئاً في غير موضعه فهو ظالم.

{ وعشيرتكم }: أي قرابتكم من النسب كالأعمام الأباعد وأبنائهم.

{ اقترفتموها }: أي اكتسبتموها.

{ كسادها }: بوارها وعدم رواجها.

{ فتربصوا }: أي انتظروا.

{ حتى يأتي الله بأمره }: أي بعقوبة هذه المعصية يوم فتح مكة.

معنى الآيتين:

هذا إنذار الله تعالى للمؤمنين ينهاهم فيه عن اتخاذ من كفر من آبائهم وإخوانهم أولياء لهم يوادونهم ويناصرونهم ويطلعونهم على أسرار المسلمين وبواطن أمورهم. فيقول تعالى: { يا أيها الذين آمنوا } أي بالله ورسوله ولقاء الله ووعده ووعيده { لا تتخذوا آباءكم وإخوانكم أولياء إن استحبوا الكفر على الإِيمان } أي اثروا الكفر والإِصرار عليه على الإِيمان بالله ورسوله ثم يهددهم إن لم يمتثلوا أمره ويفاصلوا آباءهم وإخوانهم المستحبين للكفر على الإِيمان فيقول { ومن يتولهم منكم فأولئك هم الظالمون } ووجه الظلم ظاهر وهو أنهم وضعوا المحبة موضع البغضاء، والنصرة موضع الخذلان. والظلم هو وضع الشيء في غير موضعه. ثم أمر تعالى رسوله أن يقول لهم، وفي هذا العدول عن خطابهم مباشرة إلى الواسطة ما يشعر بالغضب وعدم الرضى، والتهديد والوعيد { قل إن كان آباؤكم وأبناؤكم وإخوانكم وأزواجكم وعشيرتكم وأموال اقترفتموها وتجارة تخشون كسادها ومساكن ترضونها أحب إليكم من الله ورسوله وجهاد في سبيله } فتركتم الهجرة والجهاد لذلك { فتربصوا حتى يأتي الله بأمره } أي انتظروا أمر الله وهو فتح مكة عليكم وإنزال العقوبة بكم، { والله لا يهدي القوم الفاسقين } أي لا يوفقهم لسبيل نجاتهم وسعاتهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- حرم اتخاذ الكافرين أولياء يُوادون ولو كانوا من أقرب الأقرباء كالأب والابن والأخ.

2- من الظلم الفظيع موالاة من عادى الله ورسوله والمؤمنين.

3- فرضية محبة الله ورسوله والجهاد في سبيله، ومحبة سائر محاب الله تعالى وكره سائر مكاره الله تعالى من العقائد والأحوال والأعمال الذوات والصفات.

4- حرمان أهل الفسق المتوغلين فيه من هداية الله تعالى إلى ما يكملهم ويسعدهم.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hany1
المشرف العام
المشرف العام



عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 30/09/2011

سورة التوبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة   سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 5:57 pm


{ لَقَدْ نَصَرَكُمُ ٱللَّهُ فِي مَوَاطِنَ كَثِيرَةٍ وَيَوْمَ حُنَيْنٍ إِذْ أَعْجَبَتْكُمْ كَثْرَتُكُمْ فَلَمْ تُغْنِ عَنكُمْ شَيْئاً وَضَاقَتْ عَلَيْكُمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ ثُمَّ وَلَّيْتُم مُّدْبِرِينَ } * { ثُمَّ أَنَزلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَعَلَى ٱلْمُؤْمِنِينَ وَأَنزَلَ جُنُوداً لَّمْ تَرَوْهَا وَعذَّبَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ وَذٰلِكَ جَزَآءُ ٱلْكَافِرِينَ } * { ثُمَّ يَتُوبُ ٱللَّهُ مِن بَعْدِ ذٰلِكَ عَلَىٰ مَن يَشَآءُ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ إِنَّمَا ٱلْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلاَ يَقْرَبُواْ ٱلْمَسْجِدَ ٱلْحَرَامَ بَعْدَ عَامِهِمْ هَـٰذَا وَإِنْ خِفْتُمْ عَيْلَةً فَسَوْفَ يُغْنِيكُمُ ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ إِن شَآءَ إِنَّ ٱللَّهَ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ في مواطن }: المواطن جمع موطن بمعنى الوطن وهو محل إقامة الإِنسان.

{ حنين }: وادٍ على بعد أميال يسيرة من الطائف.

{ إذ أجبتكم كثرتكم }: أي كثرة عددكم حتى قال من قال: لن نغلب اليوم من قلة.

{ فلم تغن عنكم شيئاً }: أي لم تجز عنكم شيئاً من الإِجزاء إذا انهزمتهم في أول اللقاء.

{ وضاقت عليكم الأرض }: أي لم تعرفوا أين تذهبون، وكيف تتصرفون كأنكم محصورون في مكان ضيق.

{ بما رحبت }: أي على رحابتها وسعتها.

{ أنزل الله سكينته }: أي الطمأنينة في نفوسهم، فذهب القلق الاضطراب.

{ وأنزل جنودا }: أي من الملائكة.

{ نجس }: أي ذوو نجس وذلك لخبث أرواحهم بالشرك.

{ بعد عامهم هذا }: عام تسعة من الهجرة.

{ عيلة }: أي فقراً وفاقة وحاجة.

معنى الآيات:

لم حرم الله على المؤمنين موالاة الكافرين ولو كانوا اقرباءهم وحذرهم من العقود عن الهجرة والجهاد، وكان الغالب فيمن يقعد عن ذلك إنما كان لجبنه وخوفه أخبرهم تعالى في هذه الآيات الثلاث أنه ناصرهم ومؤيدهم فلا يقعد بهم الجبن والخوف عن أداء الواجب من الهجرة والجهاد فقال تعالى { لقد نصركم الله في مواطن كثيرة } كَبَدْر والنضير وقريظة والفتح وغيرها { ويوم حنين } حين قاتلوا قبيلة هوازن مذكراً إياهم بهزيمة أصابت المؤمنين نتيجة خطأ من بعضهم وهو الاغتار بكثرة العدد إذ قال من قال منهم: لن نغلب اليوم من الوادي حتى رماهم العدو بوابل من النبل والسهام فلم يعرفوا كيف يتصرفون حتى ضاقت عليهم الأرض على سعتها وولوا مدبرين هاربين ولم يثبت إلا رسول الله صلى الله عليه وسلم وكان على بغلته البيضاء المسماة (بالدُلْدُل) والعباس إلى جنبه وأبو سفيان بن الحارث بن عبد المطلب ابن عمه، ثم نادى منادي رسول الله: أن يا أصحاب سورة البقرة هلموا أصحاب السمرة (شجرة بيعة الرضوان) هلموا. فتراجعوا إلى المعركة ودارت رحاها و { أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزل جنوداً } تلامس القلوب وتنفخ فيها روح الشجاعة والصبر والثبات، فصبروا وقاتلوا وما هى إلا ساعة وإذا بالعدو سبي بين أيديهم ولم يحصل لهم أن غنموا يوما مثل ما غنموا هذا اليوم إذ بلغ عدد الإِبل اثني عشر ألف بعير، ومن الغنم مالا يحصى ولا يعد. بهذا جاء قوله تعالى: { ويوم حنين إذا أعجبتكم كثرتكم فلم تغن عنكم شيئاً وضاقت عليكم الأرض بما رحبت ثم وليتم مدبرين } أي هاربين من العدو { ثم أنزل الله سكينته على رسوله وعلى المؤمنين وأنزال جنوداً } أي من الملائكة { لم تروها } { وعذاب الذين كفروا } أي هوازن { وذلك } أي القتل والسبي { جزاء الكافرين } بالله ورسوله. وقوله تعالى { ثم يتوب الله على من يشاء } أي قتالكم للكافرين وقتلكم من تقتلون يتوب الله على من يشاء ممن بقوا أحياء بعد الحرب { والله غفور رحيم } فيغفر لمن يتوب عليه من المشركين ماضى ذنوبه من الشرك وسائر الذنوب ويرحمه بأن يدخله الجنة مع من يشاء من المؤمنين الصادقين في إيمانهم هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث.

أما الآية الرابعة { يا أيها الذين آمنوا إنما المشركون نجس فلا يقربوا المسجد الحرام بعد عامهم هذا } فإنه تعالى أمر المؤمنين بأن يمنعوا من دخول المسجد الحرام كل مشرك ومشركة لأن المشرك نجس الظاهر والباطن فلا يحل دخولهم إلى المسجد الحرام وهو مكة والحرم حولها، ومن يومئذ لم يدخل مكة مشرك، وقوله تعالى { وإن خفتم عيلة } أي فقراً لأجل انقطاع المشركين عن الموسم حيث كانوا يجلبون التجارة يبيعون ويشترون فيحصل نفع للمسلمين { فسوف يغنيكم الله من فضله } فامنعوا المشركين ولا تخافوا الفقر وقوله تعالى { إن شاء إن الله عليم حكيم } استثناء منه تعالى حتى تبقى قلوب المؤمنين متعلقة به سبحانه وتعالى راجية خائفة غير مطمئنة غافلة، وكونه تعالى عليماً حكيماً يرشح المعنى المذكور فإن ذا العلم والحكمة لا يضع شيئاً إلا في موضعه فلا بد لمن أراد رحمة الله أو فضل الله أن يجتهد أن يكون أهلاً لذلك، بالإِيمان والطاعة العامة والخاصة.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- حرمة العجب بالنفس والعمل إذ هو أي العجب من العوائق الكبيرة عن النجاح.

2- بيان إفضال الله تعالى وإكرامه لعباده المؤمنين.

3- بيان الحكمة من القتال في سبيل الله تعالى.

4- تقرير نجاسة الكافر المعنوية.

5- منع دخول المشرك الحرم المكي كائناً من كان بخلاف باقي المساجد فقد يؤذن للكافر لمصلحة أن يدخل بإذن المسلمين.

6- لا يمنع المؤمن من امتثال أمر ربّه الخوف من الفاقة والفقر فإن الله تعالى تعهد بالإِغناء إن شاء.

{ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَلاَ بِٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَلاَ يُحَرِّمُونَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَلاَ يَدِينُونَ دِينَ ٱلْحَقِّ مِنَ ٱلَّذِينَ أُوتُواْ ٱلْكِتَابَ حَتَّىٰ يُعْطُواْ ٱلْجِزْيَةَ عَن يَدٍ وَهُمْ صَاغِرُونَ }

شرح الكلمات:

{ لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر }: أي إيماناً صحيحاً يرضاه الله تعالى لموافقة الحق والواقع.

{ ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله }: أي كالخمر والربا وسائر المحرمات.

{ ولا يدينون دين الحق }: أي الإِسلام إذ هو الدين الذي لا يقبل ديناً سواه.

{ من الذين أوتوا الكتاب }: أي اليهود والنصارى.

{ الجزية }: أي الخراج المعلوم الذي يدفعه الذمي كل سنة.

{ عن يد وهم صاغرون }: أي يقدمونه بأيديهم لا ينيبون فيه غيرهم، وهم صاغرون: أي أذلاء منقادون لحكم الإِسلام هذا.

معنى الآية الكريمة:

لما أمر الله تعالى رسوله والمؤمنين بقتال المشركين حتى يتوبوا من الشرك ويوحدوا ويعبدوا الله تعالى بما شرع أمر رسوله في هذه الآية والمؤمنين بقتال أهل الكتاب وهم اليهود والنصارى إلى أن يسلموا أو يعطوا الجزية عن يد وهم صاغرون، وجعل إعطاء الجزية غايةً لنهاية القتال، لا الإِسلام لأن الإِسلام يعرض أولاً على أهل الكتاب فإن قبلوه فذاك وإن رفضوه يطلب الدخول في ذمة المسلمين وحمايتهم تحت شعار الجزية وهي رمز دال على قبولهم حماية المسلمين وحكمهم بشرع الله تعالى فإذا أعطوها حقنوا دماءهم وحفظوا أموالهم، وأمنوا في حياتهم المادية والروحية، هذا ما تضمنته الآية الكريمة: { قاتلوا الذين لا يؤمنون بالله ولا باليوم الآخر ولا يحرمون ما حرم الله ورسوله ولا يدينون دين الحق من الذين أوتوا الكتاب يعطوا الجزية عن يد وه صاغرون } وإن قيل اليهود في إيمانهم بالله مشبهة مجسمة يصفون الله تعالى بصفات تعالى الله عنها علواً كبيراً، والنصارى يعتقدون أن الله حلّ في المسيح، وإن الله ثالث ثلاثة والله ليس كذلك فهم إذاً لا يؤمنون بالله تعالى كما هو الله الإِله الحق، فلذا إيمانهم باطل وليس بإيمان يضاف إلى ذلك أنهم لو آمنوا بالله لآمنوا برسوله محمد صلى الله عليه وسلم ولو آمنوا باليوم الآخر لأطاعوا الله ورسوله لينجوا من عذاب اليوم الآخر وليسعدوا فيه بدخول الجنة فلما لم يؤمنوا ولم يعملوا كانوا حقاً كافرين غير مؤمنين، وصدق الله العظيم حيث نفى عنهم الإِيمان به وباليوم الآخر، والله أعلم بخلقه من أنفسهم.

هداية الآية الكريمة

من هداية الآية الكريمة:

1- وجوب قتال أهل الكتاب حتى يسلموا أو يدخلوا في حكم الإِسلام وذلك من أجل إعدادهم للإِسلام ليكملوا عليه ويسعدوا به.

2- الإِيمان غير الصحيح لا يعتبر إيماناً منجياً ولا مسعداً.

3- استباحة ما حرم الله من المطاعم والمشارب والمناكح كفر صريح.

4- مشروعية أخذ الجزية من أهل الكتاب وهي مقدّرة في كتب الفقه مبينة وهي بحسب غنى المرء وفقره وسعته وضيقه.

{ وَقَالَتِ ٱلْيَهُودُ عُزَيْرٌ ٱبْنُ ٱللَّهِ وَقَالَتْ ٱلنَّصَارَى ٱلْمَسِيحُ ٱبْنُ ٱللَّهِ ذٰلِكَ قَوْلُهُم بِأَفْوَاهِهِمْ يُضَاهِئُونَ قَوْلَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قَبْلُ قَاتَلَهُمُ ٱللَّهُ أَنَّىٰ يُؤْفَكُونَ } * { ٱتَّخَذُوۤاْ أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَاباً مِّن دُونِ ٱللَّهِ وَٱلْمَسِيحَ ٱبْنَ مَرْيَمَ وَمَآ أُمِرُوۤاْ إِلاَّ لِيَعْبُدُوۤاْ إِلَـٰهاً وَاحِداً لاَّ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ سُبْحَانَهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ } * { يُرِيدُونَ أَن يُطْفِئُواْ نُورَ ٱللَّهِ بِأَفْوَاهِهِمْ وَيَأْبَىٰ ٱللَّهُ إِلاَّ أَن يُتِمَّ نُورَهُ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْكَافِرُونَ } * { هُوَ ٱلَّذِيۤ أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِٱلْهُدَىٰ وَدِينِ ٱلْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى ٱلدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ ٱلْمُشْرِكُونَ }

شرح الكلمات:

{ عُزير }: هو الذي أماته الله مائة عام ثم بعثه، واليهود يسمونه: عِزْرا.

{ المسيح }: هو عيسى بن مريم عليهما السلام.

{ يضاهئون }: أي يشابهون.

{ قول الذين كفروا }: أي من آبائهم وأجدادهم الماضين.

{ قاتلهم الله }: أي لعنهم الله لأجل كفرهم.

{ أنى يؤفكون }: أي كيف يصرفون عن الحق.

{ أحبارهم ورهبانهم }: الأحبار جمع حبر: علماء اليهود، والرهبان جمع راهب عابد النصارى.

{ أرباباً من دون الله }: أي آلهة يشرعون لهم فيعملون بشرائعهم من حلال وحرام.

{ نور الله }: أي الإِسلام لأنه هاد إلى الإِسعاد والكمال في الدارين.

{ بأفواههم }: أي بالكذب عليه والطعن فيه وصرف الناس عنه.

{ رسوله }: محمداً صلى الله عليه وسلم.

{ معنى الآيات }:

لما أمر تعالى يقتال أهل الكتاب لكفرهم وعدم إيمانهم الإِيمان الحق المنجي من النار ذكر في هذه الآية الثلاث ما هو مقرر لكفرهم ومؤكد له فقال { وقالت اليهود عزير ابن الله } ونسبة الولد إلى الله تعالى كفر بجلاله وكماله { وقالت النصارى المسيح ابن الله } ونسبه الولد إليه تعالى كفر به عز وجل وبماله من جلال وكمال وقوله تعالى: { ذلك قولهم بأفواهم } أي ليس له من الواقع شيء إذ ليس لله تعالى ولد، وكيف يكون له ولد ولم تكن له زوجة، وإنما ذلك قولهم بأفواههم فقط { يضاهئون به } أي يشابهون به { قول الذين كفروا من قبل } وهم اليهود الأولون وغيرهم وقوله تعالى { قاتلهم الله أنى يؤفكون } دعاء عليهم باللعن والطرد من رحمةالله تعالى وقوله { أنى يؤفكون } أي كيف يصرفون عن الحق ويبعدون عنه بهذه الصورة العجيبة وقوله { اتخذوا أحبارهم ورهبانهم أرباباً من دون الله } هذا دليل آخر على كفرهم وشركهم إذ قبولهم قول علمائهم وعبادهم والإِذعان له والتسليم به حتى أنه ليحلون لهم الحرام فيحلونه ويحرمون عليهم الحلال فيحرمونه، شرك وكفر والعياذ بالله، وقوله { والمسيح ابن مريم } أي اتخذه النصارى رباً وإلهاً، وقوله تعالى { وما أمروا إلا ليبعدوا إلهاً واحداً } أي لم يأمرهم أنبياؤهم كموسى وعيسى وغيرهما إلا بعبادة الله تعالى وحده لا إله إلا هو ولا رب سواه وقوله { سبحانه عما يشركون } نزه تعالى نفسه عن شركهم. وقوله تعالى { يريدون ليطفئوا نور الله بأفواههم } أي يريد اليهود والنصارى أن يطفئوا نور الله الذي هو الإِسلام بأفواههم بالكذب والافتراء، والعيب وله المنة، وأصبح الإِسلام الظاهر على الأديان كلها، هذا ما دلت عليه الآيات الثلاث أما الآية الرابعة (33) فقد أخبر تعالى أنه { هو الذي أرسل رسوله } أي محمداً { بالهدى } وهو القرآن { ودين الحق } الذي هو الإِسلام، وقوله { ليظهره } أي الدين الحق الذي هوالإِسلام { على الدين كله ولو كره المشركون }. وقد فعل فالإِسلام ظاهر في الأرض كلها سمع به أهل الشرق والغرب ودان به أهل الشرق والغرب وسيأتي يوم يسود فيه المسلمون أهل الدنيا قاطبة بإِذن الله تعالى.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير كفر اليهود والنصارى بذكر عقائدهم الكفرية.

2- طاعة العلماء ورجال الدين طاعة عمياء حتى يحلوا ويحرموا فيتبعوا شرك.

3- بيان عداء اليهود والنصارى للإِسلام وتعاونهم على إفساده وإفساد أهله.

4- بشرى المسلمين بأنهم سيسودون العالم في يوم من الأيام ويصبح الإِسلام هو الدين الذي يعبد الله به في لأرض لا غيره، ويشهد لهذا آية { ويكون الدين كله الله } فلو لم يعلم الله أن ذلك كائن لم يجعله غاية وطالب بالوصول اليها.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ إِنَّ كَثِيراً مِّنَ ٱلأَحْبَارِ وَٱلرُّهْبَانِ لَيَأْكُلُونَ أَمْوَالَ ٱلنَّاسِ بِٱلْبَاطِلِ وَيَصُدُّونَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱلَّذِينَ يَكْنِزُونَ ٱلذَّهَبَ وَٱلْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَبَشِّرْهُمْ بِعَذَابٍ أَلِيمٍ } * { يَوْمَ يُحْمَىٰ عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَىٰ بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هَـٰذَا مَا كَنَزْتُمْ لأَنْفُسِكُمْ فَذُوقُواْ مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ }

شرح الكلمات:

{ بالباطل }: أي بدون حق أباح لهم أكلها.

{ ويصدون عن سبيل الله }: أي يصرفون أنفسهم وغيرهم عن الإِسلام الذي هو السبيل المفضي بالعبد إلى رضوان الله تعالى.

{ يكنزون }: يجمعون المال ويدفنونه حفاظاً عليه ولا يؤدون حقه.

{ الذهب والفضة }: هما النقدان المعروفان.

{ في سبيل الله }: أي حيث رضا الله كالجهاد وإطعام الفقراء والمساكين.

{ فبشرهم }: أي أخبرهم بعذاب أليم: أي موجع.

{ يحمى عليها }: لأنها تحول إلى صفائح ويحمى عليها ثم تكوى بها جباههم.

{ هذا ما كنزتم }: أي يقال لهم عند كيهم بها: هذا ما كنزتم لأنفسكم توبيخاً لهم وتقريعاً.

معنى الآيتين:

بمناسبة ذكر عداء اليهود والنصارى للإِسلام والمسلمين، وأنهم يريدون دوماً وأبداً إطفاء نور الله بأفواههم، ذكر تعالى ما هو إشارة واضحة إلى أنهم ما ديون لا همّ لهم إلا المال والرئاسة فأخبر المسلمين فقال { يا أيها الذين آمنوا إن كثيراً من الأحبار } وهم علماء اليهود { والرهبان } وهم رجال الكنائس من النصارى { ليأكلون أموال الناس بالباطل } كالرشوة، وكتابة صكوك الغفران يبيعونها للسفلة منهم، إلى غير ذلك من الحيل باسم الدين، وقوله تعالى عنهم { ويصدون عن سبيل الله } دليل واضح على أنهم يحاربون الإِسلام باستمرار للإِبقاء على مناصبهم الدينية يعيشون عليها يترأسون بها على السفلة والعوام من اليهود والنصارى، وقوله تعالى { والذين يكنزون الذهب والفضة } لفظ عام يشمل الأحبار والرهبان وغيرهم من سائر الناس من المسلمين ومن أهل الكتاب إلا أن الرهبان والأحبار يتناولهم اللفظ أولاً، لأن من يأكل أموال الناس بالباطل ويصد عن سبيل الله أقرب إلى أن يكنز الذهب والفضة ولا ينفقها في سبيل الله، وقوله تعالى لرسوله { فبشرهم بعذاب أليم } أي أخبرهم معجلاً لهم الخبر في صورة بشارة، وبين نوع العذاب الأليم بقوله { يوم يحمى عليها } أي صفائح الذهب والفضة بعد تحويلها إلى صفائح { في نار جهنم، فتكوى بها جباههم وجنوبهم وظهروهم } أي من كل الجبهات الأربع من أمام ومن خلف وعن يمين وعن شمال ويقال لهم تهكماً بهم وازدراء لهم وهم نوع عذاب أشد على النفس من عذاب الجسم { هذا ما كنزتم لأنفسكم فذوقوا ما كنتم تكنزون }.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان حقيقة علماء اليهود والنصارى، وهي أنهم ماديون باعوا آخرتهم بدنياهم يحاربون الإِسلام ويصدون عنه للمحافظة على الرئاسة وللأكل على حساب الإِسلام.

2- حرمة أكل أموال الناس بالباطل.

3- حرمة جمع المال وكنزه وعدم الإِنفاق منه.

4- المال الذي تؤدى زكاته كل حول لا يقال له كنز ولو دفن تحت الأرض.

5- بيان عقوبة من يكنز المال ولا ينفق منه في سبيل الله وهي عقوبة شديدة.

{ إِنَّ عِدَّةَ ٱلشُّهُورِ عِندَ ٱللَّهِ ٱثْنَا عَشَرَ شَهْراً فِي كِتَابِ ٱللَّهِ يَوْمَ خَلَقَ ٱلسَّمَٰوَٰتِ وَٱلأَرْضَ مِنْهَآ أَرْبَعَةٌ حُرُمٌ ذٰلِكَ ٱلدِّينُ ٱلْقَيِّمُ فَلاَ تَظْلِمُواْ فِيهِنَّ أَنْفُسَكُمْ وَقَاتِلُواْ ٱلْمُشْرِكِينَ كَآفَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَآفَّةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا ٱلنَّسِيۤءُ زِيَادَةٌ فِي ٱلْكُفْرِ يُضَلُّ بِهِ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ يُحِلُّونَهُ عَاماً وَيُحَرِّمُونَهُ عَاماً لِّيُوَاطِئُواْ عِدَّةَ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ فَيُحِلُّواْ مَا حَرَّمَ ٱللَّهُ زُيِّنَ لَهُمْ سُوۤءُ أَعْمَالِهِمْ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْكَافِرِينَ }

شرح الكلمات:

{ عدة }: أي عدد.

{ الشهور }: جمع شهر والشهر تسعة وعشرون يوماً، أو ثلاثون يوماً.

{ في كتاب الله }: اي كتاب المقادير: اللوح المحفوظ.

{ أربعة حرم }: هي رجب، والقعدة، والحجة، ومحرم، الواحد منها حرام والجمع حرم.

{ الدين القيم }: أي الشرع المستقيم الذي لا اعوجاج فيه.

{ فلا تظلموا فيهن أنفسكم }: أي لا ترتكبوا في الأشهر المعاصي فإنها أشد حرمة.

{ كافة }: أي جميعاً وفي كل الشهور حلالها وحرامها.

{ مع المتقين }: أي بالتأييد والنّصر، والمتقون هم الذين لا يعصون الله تعالى.

{ إنما النسيء }: تأخير حرمة شهر المحرم إلى صفر.

{ يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً }: أي النسيء عاماً يحلونه عاماً ويحرمونه.

{ ليواطئوا عدة ما حرم الله }: أي ليوافقوا عدد الشهور المحرمة وهي أربعة.

{ زين لهم سوء عملهم }: أي زين لهم الشيطان هذا التأخير للشهر الحرام وهو عمل سيء لأنه إفتيات على الشارع واحتيال على تحليل الحرام.

معنى الآيتين

عاد السياق للحديث على المشركين بعد ذلك الاعتراض الذي كان للحديث عن أهل الكتاب فقال تعالى { إن عدة الشهور عند الله اثنا عشر شهراً } لا تزيد ولا تنقص، وأنها هكذا في اللوح المحفوظ { يوم خلق السموات والأرض }. وأن منها أربعة أشهر حرم أي محرمات وهي رجب، والعقدة والحجة ومحرم، وحرمها الله تعالى أي حرم القتال فيها لتكون هدنة يتمكن العرب معها من السفر للتجارة وللحج والعمرة ولا يخافون أحداً، ولما جاء الإِسلام وأعز الله أهله، نسخ حرمة القتال فيها. وقوله تعالى { ذلك الدين القيّم } أي تحريم هذه الأشهر واحترامها بعدم القتال فيها هو الشرع المستقيم وقوله تعالى { فلا تظلموا فيهن أنفسكم } أي لا ترتكبوا الذنوب والمعاصي في الأشهر الحرم فإن ذلك يوجب غضب الله تعالى وسخطه عليكم فلا تعرضوا أنفسكم له، وقوله تعالى { وقاتلوا المشركين } هذا خطاب للمؤمنين يأمرهم تعالى بقتال المشركين بعد انتهاء المدة التي جعلت لهم وهي أربعة أشهر وقوله { كافة } أي جميعاً لا يتأخر منكم أحد كما هم يقاتلونكم مجتمعين على قتالكم فاجتمعوا أنتم على قتالهم، وقوله { واعلموا أن الله مع المتقين } وهم الذين اتقوا الشرك والمعاصي ومعناه أن الله معكم بنصره وتأييده على المشركين العصاة وقوله عز وجل { إنما النسيء زيادة في الكفر } أي إنما تأخير حرمة محرم إلى صفر كما يفعل أهل الجاهلية ليستبيحوا القتال في الشهر الحرام بهذه الفُتيا الشيطانية هذا التأخير زيادة في كفر الكافرين، لأنه محاربة لشرع الله وهي كفر قطعاً لقوله تعالى { يضل به الذين كفروا } أي بالنسيء يزدادون ضلالاً فوق ضلالهم. وقوله { يحلونه عاماً ويحرمونه عاماً } يعني النسيء وهو الشهر الذي أخروه أي أخروا حرمته إلى الشهر الذي بعده ليتمكنوا من القتال في الشهر الحرام، فعاماً يحلون وعاماً يحرمون حتى يوافقوا عدة الأشهر الحُرُم بلا زيادة ولا نقصان، ظناً منههم أنهم ما عصوا مستترين بهذه الفتيا الإِبليسية كا قال تعالى { زين لهم سوء أعمالهم } والمزين للباطل قطعاً هو الشيطان.
وقوله تعالى { والله لا يهي القوم الكافرين } يخبر تعالى أنه عز وجل لا يهدي القوم الكافرين لما هو الحق والخير وذلك عقوبة لهم على كفرهم به وبرسوله، وإصرارهم على ذلك.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان أن شهور السنة الهجرية اثنا عشر شهراً وأيامها ثلثمائة وخمسة وخمسون يوماً.

2- بيان أن الأشهر الحرم أربعة وقد بينها الرسول صلى الله عليه وسلم وهي رجب، والعقدة والحجة ومحرم.

3- حرمة الأشهر الحرم، ومضاعفة السيآت فيها أي قبح الذنوب فيها.

4- صفة المعينة لله تعالى معية خاصة بالنصر والتأييد لأهل تقواه.

5- حرمة الاحتيال على الشرع بالفتاوى الباطلة لاحلال الحرام، وأن هذا الاحتيال ما هو إلا زيادة في الإِثم.

6- تزيين الباطل وتحسين المنكر من الشيطان.

7- حرمان أهل الكفر والفسق من هداية الله تعالى وتوفيقه لما هو حق وخير حالاً ومآلاً.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَا لَكُمْ إِذَا قِيلَ لَكُمُ ٱنفِرُواْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ٱثَّاقَلْتُمْ إِلَى ٱلأَرْضِ أَرَضِيتُمْ بِٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا مِنَ ٱلآخِرَةِ فَمَا مَتَاعُ ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا فِي ٱلآخِرَةِ إِلاَّ قَلِيلٌ } * { إِلاَّ تَنفِرُواْ يُعَذِّبْكُمْ عَذَاباً أَلِيماً وَيَسْتَبْدِلْ قَوْماً غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّوهُ شَيْئاً وَٱللَّهُ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ } * { إِلاَّ تَنصُرُوهُ فَقَدْ نَصَرَهُ ٱللَّهُ إِذْ أَخْرَجَهُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ثَانِيَ ٱثْنَيْنِ إِذْ هُمَا فِي ٱلْغَارِ إِذْ يَقُولُ لِصَاحِبِهِ لاَ تَحْزَنْ إِنَّ ٱللَّهَ مَعَنَا فَأَنزَلَ ٱللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلَيْهِ وَأَيَّدَهُ بِجُنُودٍ لَّمْ تَرَوْهَا وَجَعَلَ كَلِمَةَ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ ٱلسُّفْلَىٰ وَكَلِمَةُ ٱللَّهِ هِيَ ٱلْعُلْيَا وَٱللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ مالكم؟ }: أي أي شيء ثبت لكم من الأعذار.

{ انفروا }: أي اخرجوا مستعجلين مندفعين.

{ اثاقلتم }: أي تباطأتم كأنكم تحملون أثقالاً.

{ إلا تنصروه }: أي الرسول محمد صلى الله عليه وسلم.

{ ثاني اثنين }: أي هو وأبو بكر رضي الله عنه.

{ في الغار }: غار ثور أي في جبل يقال له ثور بمكة.

{ لصاحبة }: هو أبو بكر الصديق رضي الله عنه.

{ سكينتهُ }: أي طمأنينته.

{ كلمة الذين كفروا }: هي الدعوة إلى الشرك.

{ السفلى }: أي مغلوبة هابطة لا يسمع لها صوت.

{ وكلمة الله هي العليا }: أي دعوة التوحيد (لا إله إلا الله محمد رسول الله) هي العليا الغالبة الظاهرة.

معنى الآيات:

هذه الآيات نزلت في غزوة تبوك فقد بلغ النبي صلى الله عليه وسلم أن هرقل ملك الروم قد جمع جموعه لحرب الرسول صلى الله عليه وسلم، فأعلن النبي صلى الله عليه وسلم التعبئة العامة، وكان الزمن صيفاً حاراً وبالبلاد جدب ومجاعة، وكان ذلك في شوال من سنة تسع، وسميت هذه الغزوة بغزوة العسرة فاستحثَّ الربّ تبارك وتعالى المؤمنين ليخرجوا مع نبيهم لقتال أعدائه الذين عزموا على غزوه في عقر داره فأنزل تعالى قوله { يا أيها الذين آمنوا ما لكم إذا قيل لكم انفروا في سبيل الله } القائل هو رسوله الله صلى الله عليه وسلم { انفروا في سبيل الله } أي اخرجوا للجهاد { في سبيل الله } أي لأجل رضاه سبحانه وتعالى وما عند من نعيم مقيم. وقوله { ما لكم } أي أي شيء يجعلكم لا تنفرون؟ وأنتم المؤمنون طلاب الكمال والإِسعاد في الدارين، وقوله { اثَّاقلتم إلى الأرض } أي تباطأتم عن الخروج راضين ببقائكم في دوركم وبلادكم. { أرضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة؟ } ينكر تعالى على من هذه حاله منهم، ثم يقول لهم { فما متاع الحياة الدنيا } أي ما كل ما يوجد فيها من متع على اختلافها بالنسبة إلى ما في الآخرة من نعيم مقيم في جوار رب العالمين { إلا قليل } تافه لا قيمة له؛ فكيف تؤثرون القليل على الكثير والفاني على الباقي. ثم قال لهم { إلاَّ تنفروا } أي إن تخليتم عن نصرته صلى الله عليه وسلم وتركتموه يخرج إلى قتال الروم وحده { يعذبكم عذاباً أليماً ويستبدل قوماً غيركم ولا تضروه شيئاً والله على كل شيء قدير }. وفي هذا الخبر وعيد شديد اهتزت له قلوب المؤمنين.

وقوله تعالى { إلا تنصروه } أي إن خذلتموه ولم تخرجوا معه في هذا الظرف الصعب فقد نصره الله تعالى في ظرف أصعب منه نصره في الوقت الذي أخرجه الذين كفروا { ثاني اثنين } أي هو وأبو بكر لا غير، { إذ هما في الغار } أي غار ثور، { إذ يقول لصاحبه }: لما قال لو نظر أحدهم تحت قدميه لرآنا يا رسول الله، { لا تحزن إن الله معنا فأنزل الله سكينته عليه } فسكنت نفسه واطمأن وذهب الخوف من قلبه، { وأيده بجنود لم تروها وجعل كلمة الذين كفروا } وهي دعوتهم إلى الشرك جعلها { السفلى } مغلوبة هابطة { وكلمة الله } كلمة لا إله إلا الله محمد رسول الله { هي العليا } الغالبة الظاهرة { والله عزيز } غالب لا يغالب { حكيم } في تصرفه وتدبيره، ينصر من أراد نصره بلا ممانع ويهزم من أراد هزيمته بلا مغالب.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب الخروج إلى الجهاد إذا دعا الإِمام بالدعوة العامة وهو ما يعرف بالتعبئة العامة أو النفير العام.

2- يجب أن يكون النفير في سبيل الله لا في سبيلٍ غير سبيله تعالى.

3- بيان حقارة الدنيا وضآلتها أمام الآخرة.

4- وجوب نصرة رسول الله صلى الله عليه وسلم في دينه في أمته في سنته.

5- شرف أبي بكر الصديق وبيان فضله 6- الإِسلام يعلو ولا يعلى عليه.

{ ٱنْفِرُواْ خِفَافاً وَثِقَالاً وَجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ ذٰلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ } * { لَوْ كَانَ عَرَضاً قَرِيباً وَسَفَراً قَاصِداً لاَّتَّبَعُوكَ وَلَـٰكِن بَعُدَتْ عَلَيْهِمُ ٱلشُّقَّةُ وَسَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَوِ ٱسْتَطَعْنَا لَخَرَجْنَا مَعَكُمْ يُهْلِكُونَ أَنْفُسَهُمْ وَٱللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّهُمْ لَكَاذِبُونَ } * { عَفَا ٱللَّهُ عَنكَ لِمَ أَذِنتَ لَهُمْ حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكَ ٱلَّذِينَ صَدَقُواْ وَتَعْلَمَ ٱلْكَاذِبِينَ }

شرح الكلمات:

{ خفافاً وثقالاً }: الخفاف جمع خفيف: وهو الشاب القوي البدن ذا الجدة من زاد ومركوب. والثقال جمع ثقيل: وهو الشيخ الكبير والمريض والفقير الذي لا جدة عنده.

{ ذلكم }: أي الجهاد بالمال والنفس خير من التثاقل إلى الأرض وترك الجهاد حالاً ومآلاً.

{ عرضاً قريباً }: غنيمة في مكان قريب غير بعيد.

{ أو سفراً قاصداً }: أي معتدلاً لا مشقة فيه.

{ الشقة }: الطريق الطويل الذي لا يقطع إلا بمشقة وعناء.

{ عفا الله عنك }: لم يؤاخذك.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحث على الخروج إلى قتال الروم بالشام ففي هذه الآيات يأمر تعالى المؤمنين بالخروج إلى الجهاد على أي حال كان الخروج من قوة وضعف فليخرج الشاب القوى كالكبير العاجز والغني كالفقير فقال تعالى { انفروا خفافاً وثقالاً وجاهدوا بأموالكم وأنفسكم } أعداء الله الكافرين به وبرسوله حتى يدخلوا في الإِسلام أو يعطوا الجزية ويقبلوا أحكام الإِسلام { ذلكم خير لكم إن كنتم تعلمون } أي نفوركم للجهاد وقتالكم الكافرين إلى الانتهاء بهم إلى الغايتين خير لكم من الخلود إلى الأرض والرضا بالحياة الدنيا وهي متاع قليل، إن كنتم تعلمون ذلك، وقوله تعالى { لو كان عرضاً قريباً وسفراً قاصداً لاتبعوك ولكن بعدت عليهم الشقة } يقول تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم لو كان أولئك المتخلفون عن الجهاد من المنافقين وضعفة الإِيمان قد دعوتهم إلى عرض قريب أي غنيمة حاضرة أو إلى سفر سهل قاصد معتدل لاتبعوك وخرجوا معك، ولن دعوتهم إلى تبوك وفي زمن الحر والحاجة فبعدت عليهم الشقة فانتحلوا الأعذار إليك وتخلفوا. وقوله تعالى { وسيحلفون بالله } أي لكم قائلين: لو استطعنا أي الخروج لخرجنا معكم. قال تعالى { يهلكون أنفسهم } حيث يجلبون لها سخط الله وعقابه { والله يعلم أنهم لكاذبون } في كل ما اعتذروا به. هذا ما دلت عليه الآيتان الأولى والثانية (41 - 42) وأما الآية الثالثة فقد تضمنت عتاب الله تعالى لنبيه صلى الله عليه وسلم حيث أذن لمن طلب منه التخلف عن النفور والنهوض إلى تبوك وكان من السياسة الرشيدة عدم الإِذن لأحد حتى يتميز بذلك الصادق من الكاذب قال تعالى { عفا الله عنك } أي تجاوز عنك ولم يؤاخذك وقدم هذا اللفظ على العتاب الذي تضمنه الاستفهام { لم أذنت لهم } تعجيلاً للمسرة للنبي صلى الله عليه وسلم إذ لو أخر عن جملة العتاب لأوجد خوفاً وحزناً، وقوله تعالى { حتى يتبين لك الذين صدقوا وتعلم الكاذبين } علة للعتاب على الإِذن للمنافقين بالتخلف عن الخروج إلى تبوك.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- إذا أعلن الإِمام التعبئة العامة يحرم التخلف عن الجهاد ولا يقعد أحد، إلا بإذن لأجل علة قامت به فاستأذن فأذن له.

2- الجهاد كما يكون بالنفس يكون بالمال وهو خيرٌ من تركه حالاً ومآلاً.

3- الأيمان الكاذبة لإِبطال حق أو إحقاق باطل توجب سخط الله تعالى وعذابه.

4- مشروعية العتاب للمحب.

5- جواز مخالفة الأولى على النبي صلى الله عليه وسلم لعدم علمه ما لم يعلِّمه الله تعالى.

{ لاَ يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلْمُتَّقِينَ } * { إِنَّمَا يَسْتَأْذِنُكَ ٱلَّذِينَ لاَ يُؤْمِنُونَ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَٱرْتَابَتْ قُلُوبُهُمْ فَهُمْ فِي رَيْبِهِمْ يَتَرَدَّدُونَ } * { وَلَوْ أَرَادُواْ ٱلْخُرُوجَ لأَعَدُّواْ لَهُ عُدَّةً وَلَـٰكِن كَرِهَ ٱللَّهُ ٱنبِعَاثَهُمْ فَثَبَّطَهُمْ وَقِيلَ ٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْقَاعِدِينَ }

شرح الكلمات:

{ لا يستأذنك }: أي لا يطلبون منك إذناً بالتخلف عن الجهاد.

{ وارتابت قلوبهم }: أي شكت في صحة ما تدعو إليه من الدين الحق.

{ في ريبهم }: أي في شكهم.

{ يترددون }: حيارى لا يثبتون على شيء.

{ لأعدّوا له عدّة }: لهيأوا له ما يلزم من سلاح وزاد ومركوب.

{ انبعاثهم }: أي خروجهم معكم.

{ فثبطهم }: ألقي في نفوسهم الرغبة في التخلف وحببه إليهم فكسلوا ولم يخرجوا.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن غزوة تبوك وأحوال المأمورين بالنفير فيها فبعد أن عاتب الله تعالى رسوله في إذنه للمتخلفين أخبره أنه لا يستأذنه المؤمنون الصادقون في أن يتخلفوا عن الجهاد بأموالهم وأنفسهم وإنام يستأذنه { الذين لا يؤمنون بالله واليوم الآخر وارتاب قلوبهم } في الإِيمان بالله ورسوله ووعده ووعيده، فهم حيارى مترددون لا يدرون أين يتجهون وهي حالة المزعزع العقيدة كسائر المنافقين، وأخبره تعالى أنهم كاذبون في اعتذاراتهم إذ لو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته أي احضروا له أهبته من سلاح وزاد وراحلة ولكنهم كانوا عازمين على عدم الخروج بحال من الأحوال، ولو لم تأذن لهم بالتخلف لتخلفوا مخالفين قصدك متحدين أمرك. وهذا عائد إلى ان الله تعالى كره خروجهم لما فيه من الضرر والخطر فثبطهم بما ألقى في قلوبهم من الفشل وفي أجسامهم من الكسل كأنما قيل لهم اقعدوا مع القاعدين. هذا ما دلت عليه الآية (44) { ولو أرادوا الخروج لأعدوا له عدته ولكن كره الله انبعاثهم فثبطهم وقيل اقعدوا مع القاعدين } وقوله تعالى في ختام الآية الأولى (44) { والله عليم بالمتقين } فيه تقرير لعلمه تعالى بأحوال ونفوس عباده فما أخبر به هو الحق والواقع، فالمؤمنون الصادقون لا يطلبون التخلف عن الجهاد لإِيمانهم وتقواهم، والمنافقون هم الذين يطلبون التخلف لشكهم وفجورهم والله أعلم بهم، ولا ينبئك مثل خبير.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- فضيلة الإِيمان والتقوى إذ صاحبها لا يمكنه أن يتخلف عن الجهاد بالنفس والمال.

2- خطر الشك في العقيدة وأنه سبب الحيرة والتردد، وصاحبه لا يقدر على أن يجاهد بمال ولا نفس.

3- سوابق الشر تحول بين صاحبها وبين فعل الخير.

{ لَوْ خَرَجُواْ فِيكُم مَّا زَادُوكُمْ إِلاَّ خَبَالاً ولأَوْضَعُواْ خِلاَلَكُمْ يَبْغُونَكُمُ ٱلْفِتْنَةَ وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ بِٱلظَّالِمِينَ } * { لَقَدِ ٱبْتَغَوُاْ ٱلْفِتْنَةَ مِن قَبْلُ وَقَلَّبُواْ لَكَ ٱلأُمُورَ حَتَّىٰ جَآءَ ٱلْحَقُّ وَظَهَرَ أَمْرُ ٱللَّهِ وَهُمْ كَارِهُونَ }

شرح الكلمات:

{ لو خرجوا فيكم }: أي مندسين بين رجالكم.

{ إلا خبالاً }: الفساد في الرأى والتدبير.

{ ولأوضعوا خلالكم }: أي لأسرعوا بينكم بالنميمة والتحريش والإِثارة لإِبقائكم في الفتنة.

{ وفيكم سماعون لهم }: أي بينكم من يكثر السماع لهم والتأثر بأقوالهم المثيرة الفاسدة.

{ من قبل }: أي عند مجئيك المدينة مهاجراً.

{ وقلّبوا لك الأمور }: بالكيد والمكر والاتصال باليهود والمشركين والتعاون معهم.

{ وظهر أمر الله }: بأن فتحت مكة ودخل الناس في دين الله أفواجاً.

{ وهم كارهون }: أي لمجيء الحق وظهور أمر الله بانتصار دينه.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في فضح نوايا المنافقين وكشف الستار عنهم فقال تعالى { لو خرجوا فيكم } أيها الرسول والمؤمنون أي إلى غزوة تبوك { ما زادوكم إلا خبالاً } أي ضرراً وفساداً وبلبلة لأفكار المؤمنين بما ينفثونه من سموم القول للتخذيل والتفشيل، { ولأوضعوا } أي أسرعوا ركائبهم { خلالكم } أي بين صفوفكم بكلمات التخذيل والتثبيط { يبغونكم } بذلك { الفتنة } وهي تفريق جمعكم وإثار العداوة بينكم بما يحسنه المنافقون في كل زمان ومكان من خبيث القول وفاسده وقوله تعالى { وفيكم سماعون لهم } أي وبينكم أيها المؤمنون ضعاف الإِيمان يسمعون منكم وينقلون لهم أخبار أسراركم كما أن منكم من يسمع لهم ويطيعهم ولذا وغيره كره الله انبعاثهم وثبطهم فقعدوا مع القاعدين من النساء والأطفال والعجز والمرضى، وقوله تعالى { والله غليم بالظالمين } الذين يعملون على إبطال دينه وهزيمة أوليائه. فلذا صرفهم عن الخروج معكم إلى قتال أعدائكم من الروم والعرب المتنصرة بالشام. وقوله تعالى في الآية الثانية (48) { لقد ابتغوا الفتنة من قبل } بل من يوم هاجرت إلى المدينة ووجد بها الإِسلام وهم يثيرون الفتن بين أصحابك للإِيقاع بهم، وفي أحد رجع ابن أبي بثلث الجيش وهم بنو سلمة وبنو حارثة بالرجوع عن القتال لولا أن الله سلم { وقلبوا لك الأمور } وصرفوها في وجوه شتى بقصد القضاء على دعوتك فظاهروا المشركين واليهود في مواطن كثيرة وكان هذا دأبهم { حتى جاء الحق } بفتح مكة { وظهر أمر الله } بدخول أكثر العرب في دين الله { وهم كارهون } لذلك بل أسفون حزنون، ولذا فلا تأسفوا على عدم خروجهم معكم، ولا تحفلوا به أو تهتموا له، فإن الله رحمة بكم ونصراً لكم صرفهم عن الخروج معكم فاحمدوا الله وأثنوا عليه بما هو أهله، ولله الحمد والمنة.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- وجود منافقين في صفوف المؤمنين خطر عليهم وضرر كبير لهم فلذا ينبغي إن لا يُشركوا في أمر، وأن لا يعول عليهم في مهمة.

2- وجوب الأخذ بالحيطة في الأمور ذات البال والأثر على حياة الإِسلام والمسلمين.

3- المنافق يسوءه عزة الإِسلام والمسلمين ويحزن لذلك.

4- تدبير الله لأوليائه خير تدبير فلذا وجب الرضا بقضاء الله وقره والتسليم به.

{ وَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ ٱئْذَن لِّي وَلاَ تَفْتِنِّي أَلا فِي ٱلْفِتْنَةِ سَقَطُواْ وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمُحِيطَةٌ بِٱلْكَافِرِينَ } * { إِن تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ وَإِن تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ يَقُولُواْ قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِن قَبْلُ وَيَتَوَلَّواْ وَّهُمْ فَرِحُونَ } * { قُل لَّن يُصِيبَنَآ إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا هُوَ مَوْلاَنَا وَعَلَى ٱللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ ٱلْمُؤْمِنُونَ } * { قُلْ هَلْ تَرَبَّصُونَ بِنَآ إِلاَّ إِحْدَى ٱلْحُسْنَيَيْنِ وَنَحْنُ نَتَرَبَّصُ بِكُمْ أَن يُصِيبَكُمُ ٱللَّهُ بِعَذَابٍ مِّنْ عِندِهِ أَوْ بِأَيْدِينَا فَتَرَبَّصُوۤاْ إِنَّا مَعَكُمْ مُّتَرَبِّصُونَ }

شرح الكلمات:

{ ومنهم }: أي من المنافقين وهو الجد بن قيس.

{ إئذن لي }: أي في التخلف عن الجهاد.

{ ولا تفتني }: أي لا توقعني في الفتنة بدعوى أنه إذا رأى نساء الروم لا يملك نفسه.

{ حسنة تسؤهم }: الحسنة كل ما يحسن من نصر وغنيمة وعافية ومعنى تسؤهم أي يكربون لها ويحزنون.

{ قد أخذنا أمرنا من قبل }: أي احتطنا للأمر ولذا لم نخرج معهم.

{ إحدى الحسنين }: الأولى الظفر بالعدو والانتصار عليه والثانية الشهادة المورثة للجنة.

{ فتربصوا }: أي انتظروا فإنا معكم من المنتظرين.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن المنافقين المتخلفين عن غزوة تبوك فيقول تعالى { ومنهم من يقول ائذن لي } أي في التخلف عن الجهاد، { ولا تفتني } بإلزامك لي بالخروج أي لا توقعني في الفتنة، فق روى أن النبي صلب الله عليه وسلم قال له " هل لك في بلاد بني الأصفر " فقال إني مغرم بالنساء وأخشى إن رأيت نساء بني الأصفر (وهم الروم) لا أصبر عنهن فأفتن، والقائل هذا هو الجد بن قيس أحد زعماء المنافقين في المدينة فقال تعالى دعاء عليه ورداً لباطله: { ألا في الفتنة سقطوا } وأي فتنة أعظم من الشرك والنفاق؟ { وإن جهنم لمحيطة بالكافرين } به وبأمثاله من أهل الكفر والنفاق، هذا ما دلت عليه الآية الأولى أما الآية الثانية (50) فقد تضمنت الكشف عما يقوله المنافقون في أنفسهم أنه إن تصب الرسول والمؤمنين حسنة من نصر أو غنيمة وكل حال حسنة يسؤهم ذلك أي يكربهم ويحزنهم، وإن تصبهم سيئة من هزيمة أو قتل وموت يقولوا فيما بينهم { قد أخذنا أمرنا } أي احتطنا للأمر فلم نخرج معهم { ويتولوا } راجعين إلى بيوتهم وأهليهم { وهم فرحون }. هذا ما تضمنته الآية التي هي قوله تعالى { إن تصبك حسنة تسؤهم، وان تصبك مصيبة يقولوا قد أخذنا أمرنا من قبل ويتولوا وهم فرحون } أما الآيتان الثالثة والرابعة (51 - 52) فقد علم الله سبحانه وتعالى رسوله ما يقوله إغاظة لأولئك المنافقين وإخباراً له بما يسؤهم فقال { قل لن يصيبنا } أي من حسنة أو سيئة إلا ما كتب الله لنا وما يكتبه ربنا لنا لن يكون إلا خيراً لأنه مولانا { وعلى الله فيلتوكل المؤمنون } ونحن مؤمنون وعلى ربنا متوكلون، وقال له: { قل هل تربصون بنا } أي هل تنتظرون بنا إلا إحدى الحسنيين: النصر والظهور على أهل الشرك والكفر والنفاق أو الاستشهاد في سبيل الله، ثم النعيم المقيم في جوار رب العالمين وعليه { فتبربصوا إنا معكم متربّصون } ، وسوف لا نشاهد إلا ما يسرنا ويسوءكم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- فضيحة الجد بن قيس وتسجيل اللعنة عليه وتبشيره بجهنم.

2- بيان فرح المنافقين والكافرين بما يسوء المسلمين، وبيان استيائهم لما يفرح المسلمين وهي علامة النفاق البارزة في كل منافق.

3- وجوب التوكل على الله وعدم الاهتمام بأقوال المنافقين.

4- بيان أن المؤمنين بين خيارين في جهادهم: النصر أو الشهادة.

5- مشروعية القول الذي يغيط العدو ويحزنه.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hany1
المشرف العام
المشرف العام



عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 30/09/2011

سورة التوبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة   سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 5:58 pm


{ قُلْ أَنفِقُواْ طَوْعاً أَوْ كَرْهاً لَّن يُتَقَبَّلَ مِنكُمْ إِنَّكُمْ كُنتُمْ قَوْماً فَاسِقِينَ } * { وَمَا مَنَعَهُمْ أَن تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلاَّ أَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلاَ يَأْتُونَ ٱلصَّلاَةَ إِلاَّ وَهُمْ كُسَالَىٰ وَلاَ يُنفِقُونَ إِلاَّ وَهُمْ كَارِهُونَ } * { فَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَلاَ أَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلْحَيَاةِ ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

شرح الكلمات:

{ طوعاً أو كرهاً }: أي وأنتم طائعون أو أنتم مكرهون على الانفاق.

{ إنكم كنتم قوماً فاسقين }: الجملة علة لعدم قبول نفقاتهم.

{ كسالى }: متثاقلون لعدم إيمانهم في الباطن بفائدة الصلاة.

{ فلا تعجبك أموالهم }: أي لا تستحسنوا أيها المسلمون ما عند المنافقين من مال وولد.

{ وتزهق أنفسهم }: أي تفيض وتخرج من أجسامهم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في تعليم الله تعالى رسوله صلى الله عليه وسلم كيف يرد على المنافقين فقال له قل لهم أيها الرسول { انفقوا } حال كونكم طائعين أو مكرهين { لن يتقبل منكم } ، اي أخبرهم أن ما ينفقونه في هذا الخروج إلى تبوك وفي غيره سواء أنفقوه باختيارهم أو كانوا مكرهين عليه لن يتقبله الله منهم لأنهم كانوا قوماً فاسقين بكفرهم بالله وبرسوله وخروجهم عن طاعتهما هذا ما دلت عليه الآية الأولى (53) أما الآية الثانية (54) فقد أخبرتعالى عن الأسباب الرئيسية التي حالت دون قبول نفقاتهم وهي أولاً الكفر بالله وبرسوله، وثانياً اتيانهم الصلاة وهم كسالى كارهون، وثالثاً كراهيتهم الشديدة لما ينفقونه قال تعالى { وما منعهم أن تقبل منهم نفقاتهم إلا أنهم كفروا بالله وبرسوله ولا يأتون الصلاة إلا وهم كسارى ولا ينفقون إلا وهم كارهون } هذا ما تضمنته الآية الثانية أما الآية الثالثة (55) فإن الله تعالى ينهى رسوله والمؤمنين عن أن تعجبهم أموالهم وأولادهم مهما بلغت في الكثرة والحسن فيقول { فلا تعجبك أموالهم ولا أولادهم } أي لا تستحسنوها ولا تخبروهم بذلك. وبين تعالى لرسوله علة اعطائهم ذلك وتكثيره لهم فقال { إنما يريد الله ليعذبهم بها في الحياة الدنيا وتزهق أنفسهم وهم كافرون } ووجه تعذيبه بها في الحياة الحياة الدنيا أن ما ينفقونه من المال في الزكاة والجهاد يشعرون معه بألم لا نظير له لأنه إنفاق يعبرونه ضدهم وليس في صالحهم، إذ لا يريدون نصر الإِسلام ولا ظهوره، وأما أولادهم فالتعذيب بهم هو أنهم يشاهدونهم يدخلون في الإِسلام ويعملون به ولا يستطيعون أن يردوهم عن ذلك، أي ألَمٌ نفسي أكبر من أن يكفر ولد الرجل بدينه ويدين بآخر من شروطه أن يبغض الكافر به ولو كان أباً أو أماً أو أخاً أو أختاً أو أقرب قريب؟ وزيادة على هذا يموتون وهم كافرون فينتقلون من عذاب إلى عذاب أشد، وبهذا سلى الرب تعالى رسوله والمؤمنين بيان علة ما أعطى المنافقين من مال وولد ليعذبهم بذلك لا ليسعدهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ أن الرياء مبطلة للعمل كالشرك محبط للعمل.

2- إطلاق الفسق على الكفر فكل كافر فاسق على الإِطلاق.

3- حرم التكاسل في الصلاة وأن ذلك من صفات المنافقين.

4- وجوب رضا النفس بما ينفق العبد في سبيل الله زكاة أو غيرها.

5- كراهية استحسان المسلم لِمَا عند أهل الفسق والنفاق من مال ومتاع.

{ وَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ إِنَّهُمْ لَمِنكُمْ وَمَا هُم مِّنكُمْ وَلَـٰكِنَّهُمْ قَوْمٌ يَفْرَقُونَ } * { لَوْ يَجِدُونَ مَلْجَئاً أَوْ مَغَارَاتٍ أَوْ مُدَّخَلاً لَّوَلَّوْاْ إِلَيْهِ وَهُمْ يَجْمَحُونَ } * { وَمِنْهُمْ مَّن يَلْمِزُكَ فِي ٱلصَّدَقَاتِ فَإِنْ أُعْطُواْ مِنْهَا رَضُواْ وَإِن لَّمْ يُعْطَوْاْ مِنهَا إِذَا هُمْ يَسْخَطُونَ } * { وَلَوْ أَنَّهُمْ رَضُوْاْ مَآ آتَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ وَقَالُواْ حَسْبُنَا ٱللَّهُ سَيُؤْتِينَا ٱللَّهُ مِن فَضْلِهِ وَرَسُولُهُ إِنَّآ إِلَى ٱللَّهِ رَاغِبُونَ }

شرح الكلمات:

{ وما هم منكم }: أي في باطن الأمر لأنهم كافرون ووجوههم وقلوبهم مع الكافرين.

{ يفرقون }: أي يخافون خوفاً شديداً منكم.

{ ملجأ }: أي مكاناً حصيناً يلجأون إليه.

{ أو مغارات }: جمع مغارة وهي الغار في الجبل.

{ أو مدخلاً }: أي سرباً في الأرض يستتر فيه الخائف الهارب.

{ يجمحون }: يسرعون سرعة تتعذر مقاومتها وإيقافها.

{ يلمزك }: أي يعيبك في شأن توزيعها ويطعن فيك.

{ إذا هم يسخطون }: أي كافينا الله كل ما يهمنا.

{ إلى الله راغبون }: إلى الله وحده راغبون أي طامعون راجون.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في هتك أستار المنافقين وإظهار عيوبهم وكشف عوارتهم ليتوب منهم من أكرمه الله بالتوبة فقال تعالى عنهم { ويحلفون بالله إنهم لمنكم } أي من أهل ملتكم ودينكم، { وما هم منكم } أي في واقع الأمر إذ هم كفار منافقون { ولكنهم قوم يفرقون } أي يخافون منكم خوفاً شديداً فلذا يحلفون لكم إنهم منكم لتؤمنوهم على أرواحهم وأموالهم، ولبيان شدة فرقهم منكم وخوفهم من سيوفكم قال تعالى: { لو يجدون ملجأ } أي حصناً { أو مغارات } أي غيراناً في جبال { أو مدخلاً } أي سرباً في الأرض { لولوا } أي أدبروا اليها { وهم يجمحون } أي مسرعين ليتمنعوا منكم. هذا ما دلت عليه الآية الأولى والثانية أما الآية الثالثة والرابعة (58- 59) فقد أخبر تعالى أن من المنافقين من يلمز الرسول الله صلى الله عليه وسلم أي يطعن فيه ويعيبه في شأن قسمة الصادقات وتوزيعها فيتهم الرسول الله صلى الله عليه وسلم بأنه لا يعدل في القسمة فقال تعالى { ومنهم من يلمزك في الصدقات فإن أعطو منها رضوا } أي عن الرسول وقمسته { وإن لم يعطوا منها إذا هم يسخطون } هذا ما تضمنته الآية (58) وأما الآية الأخيرة (95) فقد أرشدهم الله تعالى إلى ما كان ينبغي أن يكونوا عليه فقال عز وجل { ولو أنهم رضوا ما آتاهم الله ورسوله } ، أي من الصدقات { وقالوا حسبنا الله } أي كافينا الله { سيؤتينا الله من فضله } الواسع العظيم ورسوله بما يقسم علينا ويوزعه بيننا { إنا إلى الله } وحده { راغبون } طامعون راجعون أي لكان خيراً لهم وأدْرَكَ لحاجتهم.

هداية الآيات:

من هداية الآيات:

1- الأَيمان الكاذب شعار المنافقين وفي الحديث آية المنافق ثلاث:

(إذا حدث كذب وإذا وعد أخلف وإذا أتمن خان).

2- الجبن والخور والضعف والخوف من لوازم الكفر والنفاق.

3- عيب الصالحين والطعن فيهم ظاهرة دالة على فساد قلوب ونيات من يفعل ذلك 4- مظاهر الرحمة الإِلهية تتجلى في إرشا المنافقين إلى أحسن ما يكونوا عليه ليكملوا ويسعدوا في الدارين.

5- لا كافي إلا الله، ووجوب انحصار الرغبة فيه تعالى وحده دون سواه.

{ إِنَّمَا ٱلصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَآءِ وَٱلْمَسَاكِينِ وَٱلْعَامِلِينَ عَلَيْهَا وَٱلْمُؤَلَّفَةِ قُلُوبُهُمْ وَفِي ٱلرِّقَابِ وَٱلْغَارِمِينَ وَفِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَٱبْنِ ٱلسَّبِيلِ فَرِيضَةً مِّنَ ٱللَّهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ الصدقات }: جمع صدقة وهي هنا الزكاة المفروضة في الأموال.

{ للفقراء }: جمع فقير وهو من ليس له ما يكفيه من القوت ولا يسأل الناس.

{ والمساكين }: جمع مسكين وهو فقير ليس له ما يكفيه ويسأل الناس ويذل نفسه بالسؤال.

{ والعاملين عليها }: أي على جمعها وجبابتها وهم الموظفون لها.

{ والمؤلفة قلوبهم }: هم أناس يرجى إسلامهم أو بقاؤهم عليه إن كانوا قد أسلموا وهم ذوو شأن وخطر ينفع الله بهم إن أسلموا وحسن إسلامهم.

{ وفي الرقاب }: أي في فك الرقاب أي تحريرها من الرق، فيعطى المكاتبون ما يسدون به نجوم أو أقساط كتابتهم.

{ وفي سبيل الله }: أي الجهاد لإِعداد العدة وتزويد المجاهدين بما يلزمهم من نفقة.

{ وابن سبيل الله }: أي المسافر المنقطع عن بلاده ولو كان غنياً ببلاده.

{ فريضة من الله }: أي فرضها الله تعالى فريضة على عباده المؤمنين.

معنى الآية الكريمة:

بمناسبة لمز المنافقين الرسول صلى الله عليه وسلم والطعن في قسمته الصدقات بين تعالى في هذه الآية الكريمة أهل الصدقات المختصين بها. والمراد بالصدقات الزكوات وصدقة التطوع فقال عز وجل { إنما الصدقات } محصورة في الأصناف الثمانية التي تذكر وهم:

(1) الفقراء وهم المؤمنون الذين لا يجدون ما يسد حاجتهم الضرورية من طعام وشراب وكساء ومأوى.

(2) المساكين وهم الفقراء الذين لا يجدون ما يسد حاجتهم ولم يتعففوا فكانوا يسألون الناس ويظهرون المسكنة لهم والحاجة.

(3) الموظفين فيها من سعاة جباة وأمناء وكتاب وموزعين يعطون على عملهم فيها أجرة أمثالهم في العمل الحكومي.

(4) المؤلفة قلوبهم وهم من يرجى نفعهم للإِسلام والمسلمين لمناصبهم وشوكتهم في أقوامهم، فيعطون من الزكاة تأليفاً أي جمعاً لقلوبهم على الإِسلام ومحبته ونصرته ونصرة أهله، وقد يكون أحدهم لم يسلم بعد فيعطى ترغيباً له في الإِسلام، وقد يكون مسلماً لكنه ضعيف الإِسلام فيعطى تثبيتاً وتقوية على الإِسلام.

(5) في الرقاب وهو مساعدة المكاتبين على تسديد أقساطهم ليتحرروا أما شراء عبد بالزكاة وتحريره فلا يجوز لأنه يعود بالنفع على دافع الزكاة لأن ولاء المعتوق له.

(6) الغارمين جمع غارم وهو من ترتبت عليه ديون بسبب ما أنفقه في طاعة الله تعالى على نفسه وعائلته، ولم يكن لديه مال لا نقد ولا عرض يسدد به ديونه.

(7) في سبيلالله وهو تجهيز الغزاة والإِنفاق عليهم تسليحاً وإركاباً وطعاماً ولباساً.

(Cool ابن السبيل وهم المسافرون ينزلون ببلد وتنتهي نفقتهم فيحتاجون فيعطون من الزكاة ولو كانوا أغنياء ببلادهم.

وقوله تعالى { فريضة من الله } أي هذه الصدقات وقسمتها على هذا النحو جعله الله تعالىن فريضة لازمة على عباده المؤمنين. وقوله { والله عليم } أي بخلقه وأحوالهم { حكيم } في شرعه وقسمته، فلذا لا يجوز أبداً مخالفة هذه القسمة فلا يدخل أحد فيعطى من الزكاة وهو غير مذكور في هذه الآية وليس شرطاً أن يعطى كل الأصناف فقد يعطى المرء زكاته كلها في الجهاد أو في الفقراء والمساكين، أو في الغارمين أو المكاتبين وتجزئة وإن كان الأولى أن يقسمها بين الأصناف المذكورة من وجد منها، إذ قد لا توجد كلها في وقت واحد.

هداية الآية

من هداية الآية:

1- تقرير فرضية الزكاة.

2- بيان مصارف الزكاة.

3- وجوب التسليم لله تعالى في قسمته بعدم محاولة الخروج عنها.

4- إثبات صفات الله تعالى وهي هنا: العلم والحكمة، ومتى كان الله تعالى عليماً بخلقه.

وحاجاتهم حكيماً في تصرفه وشرعه وجب التسليم لأمره والخضوع له بالطاعة والانقياد.

{ وَمِنْهُمُ ٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ ٱلنَّبِيَّ وَيِقُولُونَ هُوَ أُذُنٌ قُلْ أُذُنُ خَيْرٍ لَّكُمْ يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَيُؤْمِنُ لِلْمُؤْمِنِينَ وَرَحْمَةٌ لِّلَّذِينَ آمَنُواْ مِنكُمْ وَٱلَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ ٱللَّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ لِيُرْضُوكُمْ وَٱللَّهُ وَرَسُولُهُ أَحَقُّ أَن يُرْضُوهُ إِن كَانُواْ مُؤْمِنِينَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُوۤاْ أَنَّهُ مَن يُحَادِدِ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ فَأَنَّ لَهُ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِداً فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْخِزْيُ ٱلْعَظِيمُ }

شرح الكلمات:

{ يؤذون النبي }: أي الرسول محمداً صلى الله عليه وسلم، والأذى المكروه يصيب الإِنسان كثيراً أو يسيراً.

{ هو أذن }: أي يسمع من كل من يقول له ويحدثه وهذا من الأذى.

{ قل أذن خير لكم }: أي هو يسمع من كل من يقول له لا يتكبر ولكن لا يقر إلا الحق ولا يقبل إلا الخير والمعروف فهو أُذن خيرٍ لكم لا أُذن شر مثلكم أيها المنافقون.

{ ويؤمن للمؤمنين }: أي يصدق المؤمنين الصادقين من المهاجرين والأنصار أما غيرهم فإنه وإن يسمع منهم لا يصدقهم لأنهم كذبة فجرة.

{ والله }: أحق أن يرضوه ورسوله أحق أن يرضوه.

{ من يُحادد الله ورسوله }: أي يعاديهما، ويقف دائماً في حدّ وهما في حد فلا ولاء ولا موالاة أي لا محبة ولا نصرة.

معنى الآيات:

ما زال السيقا الكريم في هتك أستار المنافقين وبيان فضائحهم قال تعالى: { ومنهم الذين يؤذون النبي } أي من المنافقين أفراد يؤذو النبي بالطعن فيه وعيبه بما هو براء منه، ويبين تعالى بعض ذلك الأذى فقال { ويقولون هو أذن } أي يسمع كل ما يقال له، وحاشاه صلى الله عليه وسلم أن يقر سماع الباطل أو الشر أو الفساد، وإنما يسمع ما كان خيراً ولو من منافق يكذب ويحسن القول. وأمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم بقوله { قل أذن خير لكم } يسمع ما فيه خير لكم، ولا يسمع ما هو شر لكم. إنه لما كان لا يواجههم بسوء صنيعهم. وقبح أعمالهم حمله هذا الجميل والإِحسان على أن قالوا: { هو أذن } طعناً فيه صلى الله عليه وسلم وعيباً له. وقوله تعالى { يؤمن بالله ويؤمن للمؤمنين } هذا من جملة ما أمر الرسول صلى الله عليه وسلم أن يقول للمنافقين رداً على باطلهم. أنه صلى الله عليه وسلم يؤمن بالله رباً وإلهاً، { ويؤمن للمؤمنين } أي بصدقهم فيما يقولون وهذا من خيريّته صلى الله عليه وسلم وقوله { ورحمة للذين آمنوا منكم } أيضاً من خيريّته فهو صلى الله عليه وسلم رحمة لمن آمن به واتبع النور الذي جاء به فكمل عليه وسعد به في حياتيه. وقوله تعالى { والذين يؤذون رسول الله } أي بأي نوع من الأذى قل أو كثر توعدهم الله تعالى بقوله { لهم عذاب أليم } وهو لا محالة نازل بهم وهم ذائقوه حتماً هذا ما دلت عليه الآية الأولى (61) أما الآية الثانية (62) فقد أخبر تعالى عن المنافقين أنهم يحلفون للمؤمنين بأنهم ما طعنوا في الرسول ولا قالوا فيه شيئاً يريدون بذلك إرضاء المؤمنين حتى لا يبطشوا بهم انتقاماً لكرامة نبيهم قال تعالى { يحلفون بالله لكم ليرضوكم والله ورسوله أحق أن يرضوه إن كانوا مؤمنين } أي فبدل أن يرضوا المؤمنين كان الواجب أن يرضوا الله تعالى بالتوبة إليه ويرضوا الرسول بالإِيمان ومتابعته إن كانوا كما يزعمون أنهم مؤمنون.

وقوله في الآية الثالثة (63) { ألم يعلموا أنه من يحادد الله ورسوله } أي يشاقهما ويعاديهما فإن له جزاء عدائة ومحاربته نار جهنم خالداً فيها { ذلك الخزي العظيم } أي كونه في نار جهنم خالداً فيها لا يخرج منها هو الخزي العظيم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- حرمة أذية رسول الله بأي وجه من الوجوه.

2- كون النبي صلى الله عليه وسلم رحمة للمؤمنين دعوة للإِيمان والإِسلام.

3- توعد الله تعلى من يؤذى رسوله بالعذاب الأليم دليل على كفر من يؤذي رسول الله صلى الله عليه وسلم.

4- بيان كذب المنافقين وجبنهم حيث يحلفون للمؤمنين أنهم ما طعنوا في الرسول وقد طعنوا بالفعل، وإنما حلفهم الكاذب يدفعون به غضب المؤمنين والانتقام منهم.

5- وجوب طلب رضا الله تعالى بفعل محابه وترك مساخطه.

6- توعد من يحادد الله ورسوله بالعذاب الأليم.

{ يَحْذَرُ ٱلْمُنَافِقُونَ أَن تُنَزَّلَ عَلَيْهِمْ سُورَةٌ تُنَبِّئُهُمْ بِمَا فِي قُلُوبِهِم قُلِ ٱسْتَهْزِءُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ مُخْرِجٌ مَّا تَحْذَرُونَ } * { وَلَئِن سَأَلْتَهُمْ لَيَقُولُنَّ إِنَّمَا كُنَّا نَخُوضُ وَنَلْعَبُ قُلْ أَبِٱللَّهِ وَآيَاتِهِ وَرَسُولِهِ كُنتُمْ تَسْتَهْزِءُونَ } * { لاَ تَعْتَذِرُواْ قَدْ كَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمَانِكُمْ إِن نَّعْفُ عَن طَآئِفَةٍ مِّنْكُمْ نُعَذِّبْ طَآئِفَةً بِأَنَّهُمْ كَانُواْ مُجْرِمِينَ }

شرح الكلمات:

{ يحذر المنافقون }: أي يخافون ويحترسون.

{ تنزَّل عليهم سورة }: أي في شأنهم فتفضحهم بإظهار عيبهم.

{ تنبّئهم بما في قلوبهم }: أي تخبرهم بما يضمرونه في نفوسهم.

{ قل استهزئوا }: الأمر هنا للتهديد.

{ مخرج ما تحذرون }: أي مخرجه من نفوسكم مظهره للناس أجمعين.

{ نخوض ونلعب }: أي نخوض في الحديث على عادتنا ونلعب لا نريد سباً ولا طعناً.

{ تستهزئون }: أي تسخرون وتحتقرون.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن المنافقين لكشف الستار عنه وإظهارهم على حقيقتهم ليتوب منهم من تاب الله عليه قال تعالى مخبراً عنهم { يحذر المنافقون أن تنزّل عليهم سورة تنبّئهم بما في قلوبهم } أي يخشى المنافقون أن تنزل في شأنه على رسول الله صلى الله عليه وسلم { سورة تنبئههم } أي تخبرهم بما في قلوبهم فتفضحهم، ولذا سميت هذه السورة بالفاضحة وقوله تعالى لرسوله { قل استهزئوا إن الله مخرج ما تحذرون } يهددهم تعالى بأن الله مخرج ما يحذرون إخراجه وظهوره مما يقولونه في خلواتهم في الطعن في الإِسلام وأهله. وقوله تعالى { ولئن سألتهم } أي عما قالوا من الباطل. لقالوا { إنما كنا نخوض ونلعب } لا غير. قل لهم يا رسولنا { أبا لله وآياته ورسوله كنتم تستهزئون } وذلك أن نفراً من المنافقين في غزوة تبوك قالوا في مجلس لهم: ما رأينا مثل قرائنا هؤلاء أرغب وجاءوا ولا أكذب ألسناً، ولا أجبن عند اللقاء!. فبلغ النبي صلى الله عليه وسلم ونزلت هذه الآية: وجاءوا يعتذرون لرسوله الله فأنزل الله { لا تعتذروا قد كفرتم بعد إيمانكم } أي الذي كنتم تدعونه، لأن الاستهزاء بالله والرسول والكتاب كفر مخرج من الملة، وقوله تعالى { إن نعف عن طائفة منكم } لأنهم يتوبون كمخشي بن حمير، { نعذب طائفة } أخرى لأنهم لا يتوبون وقوله تعالى { بأنهم كانوا مجرمين } علة للحكم بعذابهم وهو أجرامهم بالكفر والاستهزاء بالمؤمنين إذ من جملة ما قالوا: قولهم في الرسول صلى الله عليه وسلم يظن هذا يشيرون إلى النبي وهم سائرون - يفتح قصور الشام وحصونها فأطلع الله نبيه عليهم فدعاهم فجاءوا واعتذروا بقولهم إنا كنا نخوض أي في الحديث ونلعب تقصيراً للوقت، ودفعاً للملل عنا والسآمة فأنزل تعالى { قل أبالله } الآية.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- الكشف عن مدى ما كان يعيش عليه المنافقون من الحذر والخوف.

2- كفر من استهزاء بالله أو آياته أو رسوله.

3- لا يقبل اعتذار من كفر بأي وجه وإنما التوبة أو السيف فيقتل كفراً.

4- مصداق ما أخبر به تعالى من أنه سيعذب طائفة فقد هلك عشرة بداء الدبيلة " خراج يخرج من الظهر وينفذ ألمه إلى الصدر فيهلك صاحبه حتماً ".

{ ٱلْمُنَافِقُونَ وَٱلْمُنَافِقَاتُ بَعْضُهُمْ مِّن بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمُنكَرِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمَعْرُوفِ وَيَقْبِضُونَ أَيْدِيَهُمْ نَسُواْ ٱللَّهَ فَنَسِيَهُمْ إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ هُمُ الْفَاسِقُونَ } * { وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَٱلْمُنَافِقَاتِ وَٱلْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ خَالِدِينَ فِيهَا هِيَ حَسْبُهُمْ وَلَعَنَهُمُ ٱللَّهُ وَلَهُمْ عَذَابٌ مُّقِيمٌ } * { كَٱلَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ كَانُواْ أَشَدَّ مِنكُمْ قُوَّةً وَأَكْثَرَ أَمْوَالاً وَأَوْلاَداً فَٱسْتَمْتَعُواْ بِخَلاقِهِمْ فَاسْتَمْتَعْتُمْ بِخَلاَقِكُمْ كَمَا اسْتَمْتَعَ الَّذِينَ مِن قَبْلِكُمْ بِخَلاَقِهِمْ وَخُضْتُمْ كَٱلَّذِي خَاضُوۤاْ أُوْلَـٰئِكَ حَبِطَتْ أَعْمَالُهُمْ فِي ٱلدنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَأُوْلَئِكَ هُمُ ٱلْخَاسِرُونَ } * { أَلَمْ يَأْتِهِمْ نَبَأُ ٱلَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ قَوْمِ نُوحٍ وَعَادٍ وَثَمُودَ وَقَوْمِ إِبْرَاهِيمَ وِأَصْحَابِ مَدْيَنَ وَٱلْمُؤْتَفِكَاتِ أَتَتْهُمْ رُسُلُهُمْ بِٱلْبَيِّنَاتِ فَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيَظْلِمَهُمْ وَلَـٰكِن كَانُوۤاْ أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ }

شرح الكمات:

{ المنافقون }: أي الذين يظهرون للمؤمنين الإِيمان بألسنتهم ويسترون الكفر في قلوبهم.

{ بعضهم من بعض }: أي متاشبهون في اعتقادهم وقولهم وعملهم فأمرهم واحد.

{ بالمنكر }: أي ما ينكره الشرع لضرره أو قبحه وهو الكفر بالله ورسوله.

{ عن المعروف }: أي ما عرفه الشرع نافعاً فأمر به من الإِيمان والعمل الصالح.

{ يقبضون أيديهم }: أي يمسكونها عن الإِنفاق في سبيل الله.

{ نسوا الله فنسيهم }: أي تركوا الله فلم يؤمنوا به وبرسوله فتركهم وحرمهم من توفيقه وهدايته.

{ عذاب مقيم }: أي دائم لا يزول ولا يبيد.

{ بخلاقهم }: أي بنصيبهم وحظهم من الدنيا.

{ وخضتم }: أي في الكذب والباطل.

{ والمؤتفكات }: أي المنقلبات حيث صار عاليها سافلها وهي ثلاث مدن.

{ بالبينات }: الآيات الدالة على صدقهم في رسالاتهم إليهم.

معنى الآيات:

ما زال السياق في هتك استار المنافقين وبيان فضائهم لعلهم يتوبون. قال تعالى { المنافقون والمنافقات بعضهم من بعض } أي كأبعاض الشيء الواحد وذلك لأن أمرهم واحد لا يختلف بعضهم عن بعض في المعتقد والقول العمل بيّن تعالى حالهم بقوله { يأمرون بالمنكر وينهون عن المعروف } وهذا دليل على انتكاسهم وفساد قلوبهم وعقولهم، إذ هذا عكس ما يأمر به العقلاء، والمراد من المنكفر الذي يأمرون به هو الكفر والعصيان، والمعروف الذي ينهون عنه هو الإِيمان بالله ورسوله وطاعتهما. وقوله تعالى { ويقبضون أيديهم } كناية عن الإِمساك وعدم البذل في الإِنفاق في سبيل الله. وقوله { نسوا الله } فلم يؤمنوا به ولم يؤمنوا برسوله ولم يطيعوا الله ورسوله { فنسيهم } الله بأن تركهم محرومين من كل هداية ورحمة ولطف. وقوله { إن المنافقين هم الفاسقون } تقرير لمعنى { نسوا الله فنسيهم } ، إذ كفرهم بالله وبرسوله هو الذي حرمهم هداية الله تعالى ففسقوا سائر أنواع الفسق فكانوا هم الفاسقين الجديرين بهذا الوصف وهو الفسق والتوغل فيه. وقوله تعالى في الآية (68) { وعد الله المنافقين والمنافقات والكفار نار جهنم خالدين فيها هي حسبهم } أي كافيهم { ولعنهم الله ولهم عذاب مقيم } أي دائم لا يزول ولا يبيد ولا يفنى فقد حملت هذه الآية أشد وعيد لأهل النفاق والكفر إذ توعدهم الرب تعالى بنار جهنم خالدين فيها وبالعذاب المقيم الذي لا يبارحهم ولا يتركهم لحظة أبد الأبد وذلك بعد أن لعنهم فأبعدهم وأسحقهم من كل رحمة وخير. وفي الآية الثالثة (69) يأمر تعالى رسوله أن يقول للمنافقين المستهزئين بالله وآياته ورسوله: أنتم أيها المنافقون كأولئك الذين كانوا من قبلكم في الاغترار بالمال والولد والكفر بالله والتكذيب لرسوله حتى نزل بهم عذاب الله ومضت فيهم سنته في إهلاكهم هذا ما تضمنته الآية الكريمة إذ قال تعالى { كالذين من قبلكم كانوا أشد منكم قوة وأكثر أموالاً وأولاداً فاستمتعوا بخلاقهم } أي بنصيبهم الذي كتب لهم في الدنيا { فأستمتعتم بخلاقكم } أي بما كتب لكم في هذه الحياة الدنيا { كما استمتع الذي من قبلكم } أي سواء بسواء { وخضتم } في الباطل والشر وبالكفر والتكذيب { كالذي خاضوا } أي كخوضهم سواء بسواء أولئك الهالكون { حبطت أعمالهم في الدنيا والآخرةؤ أي تلاشت وذهبت ولم ينتفعوا منها بشيء، { وأولئك هم الخاسرون }.

وبما أنكم أيها المنافقون تسيرون على منهجهم في الكفر والتكذيب والاغترار بالمال والولد فسوف يكون مصيركم كمصيرهم وهو الخسران المبين. وقوله تعالى في الآية الرابعة (70) { ألم يأتهم نبأ الذين من قبلهم قوم نوح وعاد وثمود وقوم إبراهيم وأصحاب مدين والمؤتفكات أتتهم رسلهم بالبينات } أي الآيات الدالة على توحيد الله وصدق رسوله وسلامة دعوتهم كما جاءكم أيها المنافقون رسولنا محمد صلى الله عليه وسلم بالبينات فكذبتم كما كذب الذين من قبلكم فنزل بهم عذاب الله فهلك قوم نوح بالطوفان وعاد بالريح العاتية، وثمود بالصاعقة، وقوم إبراهيم بسلب النعم وحلول النقم، وأصحاب مدين بالرجفة وعذاب الظلمة، والمؤتفكات بالمطر والإِئتفاك أي القلب بأن أصبح أعالي مدنهم الثلاث أسافلها، وأسافلها أعاليها، وما ظلمهم الله تعالى بما أنزل عليهم ولكن كانوا أنفسهم يظلمون، وأنتم أيها المنافقون إن لم تتوبوا إلى ربكم سيحل بكم ما حل بمن قبلكم أو أشد لأنكم لم تعتبروا بما سبق.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- إن المنافقين لما كان مرضهم واحد وهو الكفر الباطني كان سلوكهم متشابها.

2- الأمر بالمنكر والنهي عن المعروف علامة النفاق وظاهرة الكفر وانتكاس الفطرة.

3- الاغترار بالمال والولد من عوامل عدم قبول الحق والإِذعان له والتسليم به.

4- تشابه حال البشر واتباع بعضهم لبعض في الباطل والفساد والشر.

5- حبوط الأعمال بالباطل وهلاك أهلها أمر مقضى به لا يتخلف.

6- وجوب الاعتبار بأحوال السابقين والاتعاظ بما لاقاه أهل الكفر منهم من عذاب.

{ وَٱلْمُؤْمِنُونَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَآءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِٱلْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ ٱلْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ ٱلصَّلاَةَ وَيُؤْتُونَ ٱلزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ أُوْلَـٰئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ ٱللَّهُ إِنَّ ٱللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ } * { وَعَدَ ٱللَّهُ ٱلْمُؤْمِنِينَ وَٱلْمُؤْمِنَاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَمَسَاكِنَ طَيِّبَةً فِي جَنَّاتِ عَدْنٍ وَرِضْوَانٌ مِّنَ ٱللَّهِ أَكْبَرُ ذٰلِكَ هُوَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ }

شرح الكلمات:

{ والمؤمنون }: أي الصادقون في إيمانهم بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.

{ أولياء بعض }: أي يتولّى بعضهم بعضاً في النّصرة والحماية والمحبة والتأييد.

{ ويقيمون الصلاة }: أي يؤدونها في خشوع وافية الشروط والأركان والسنن والآداب.

{ ويؤتون الزكاة }: أي يخرجون زكاة أموالهم الصامتة كالدراهم والدنانير والمعشرات، والناطقة كالأنعام: الإِبل والبقر والغنم.

{ في جنات عدن }: أي إقامة دائمةلا يخرجون منها ولا يتحولون عنها.

{ ورضوان من الله أكبر }: أي رضوان الله الذي يحله عليهم أكبر من كل نعيم في الجنة.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان صفات المؤمنين والمؤمنات والتي هي مظاهر إيمانهم وأدلته.

2- أهمية صفات أهل الإِيمان وهي الولاء لبعضه بعضاً، الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، إقامة الصلاة، إيتاء الزكاة، طاعة الله ورسوله.

3- بيان جزاء أهل الإِيمان في الدار الآخرة وهو النعيم المقيم في دار الإِسلام.

4- أفضلية رضا الله تعالى على سائر النعيم.

5- بيان معنى الفوز وهو النجاة من النار، ودخول الجنة.

{ يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِيُّ جَاهِدِ ٱلْكُفَّارَ وَٱلْمُنَافِقِينَ وَٱغْلُظْ عَلَيْهِمْ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ وَبِئْسَ ٱلْمَصِيرُ } * { يَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ مَا قَالُواْ وَلَقَدْ قَالُواْ كَلِمَةَ ٱلْكُفْرِ وَكَفَرُواْ بَعْدَ إِسْلاَمِهِمْ وَهَمُّواْ بِمَا لَمْ يَنَالُواْ وَمَا نَقَمُوۤاْ إِلاَّ أَنْ أَغْنَاهُمُ ٱللَّهُ وَرَسُولُهُ مِن فَضْلِهِ فَإِن يَتُوبُواْ يَكُ خَيْراً لَّهُمْ وَإِن يَتَوَلَّوْا يُعَذِّبْهُمُ ٱللَّهُ عَذَاباً أَلِيماً فِي ٱلدُّنْيَا وَٱلآخِرَةِ وَمَا لَهُمْ فِي ٱلأَرْضِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

شرح الكلمات:

{ جاهد الكفار }: ابذل غاية جهدك في قتال الكفار والمنافقين.

{ واغلظ عليهم }: أي في القول والفعل أي شدد عليهم ولا تلن لهم.

{ كلمة الكفر }: أي كلمة يكفر بها من قالها وهي قول الجلاس بن سويد: إن كان ما جاء به محمد حقاً لنحن شرّ من الحمير.

{ وهموا بما لم ينالوا }: أي هموا بقتل النبي صلى الله عليه وسلم في مؤامرة دنيئة وهم عائدون من تبوك.

{ وما نقموا إلا أن أغناهم }: أي ما أنكروا أو كرهوا من الإِسلام ورسوله إلا أن أغناهم الله بعد فقر أعلى مثل هذا يهمون بقتل رسول الله؟

معنى الآيتين:

يأمر تعالى رسوله محمداً صلى الله عليه وسلم بجهاد الكفار والمنافقين فيقول { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين } وجهاد الكفار يكون بالسلاح وجهاد المنافقين يكون باللسان، وقوله تعالى { واغلظ عليهم } أي شدد عملك وقولك، فلا هوادة مع من كفر بالله ورسوله، ومع من نافق الرسول والمؤمنين فأظهر الإِيمان وأسر الكفر وقوله تعالى { ومأواهم جهنم وبئس المصير } أي جهنم يريد ابذل ما في وسعك في جهادهم قتلاً وتأديباً هذ لهم في الدنيا، وفي الآخرة مأواهم جهنم وبئس المصير، وقوله تعالى في الآية الثانية (74) { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر بعد إسلامهم وهما بما لم ينالوا } هذا الكلام علّة للأمر بجهادهم الإِغلاظ عليهم لقول الجلاس بن سويد المنافق: لئن كان ما جاء به محمد حقاً لنحن شر من الحمير سمعه منه أحد المؤمنين فبلغه رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاه الجلائ يعتذر ويحلف بالله ما قال الذي قال فأكذبه الله تعالى في قوله في هذه الآية { يحلفون بالله ما قالوا ولقد قالوا كلمة الكفر وكفروا بعد إسلامهم } والسياق دال على تكرر مثل هذا القول الخبيث وهو كذلك. قوله تعالى { وهموا بما لم ينالوا } يعني المنافقين الذين تآمروا على قتل النبي صلى الله عليه وسلم عند عودته من تبوك في عقبة في الطريق إلا أن الله فضحهم وحيّب مساعهم ونجى رسوله منهم حيث بعث عمار بن ياسر يضرب وجوه الرواةحللما غشوه فردوا وتفرقوا بعد أن عزموا على أن يزاحموا رسول الله وهو على ناقته بنوقهم حتى يسقط منها فيهلك أهلكهم الله. وقوله تعالى روما نقموا } أي وما كرهوا من رسول الله ولا من الإِسلام شيئاً إلا أن أغنهم الله ورسوله من فضله وهل الغنى بعد الفقر مما ينقم منه، والجواب لا ولكنه الكفر والنفاق يفسد الذوق والفطرة والعقل أيضاً.

ومع هذا الذي قاموا به من الكفر والشر والفساد يفتح الرب الرحيم تبارك وتعالى باب التوبة في وجوههم ويقول { فإن يتوبوا } من هذا الكفر والنفاق والشر والفساد يك ذلك { خيراً لهم } حالاً ومآلاً أي في الدنيا والآخرة، { وإن يتولوا } عن هذا العرض ويرفضوه فيصرون على الكفر والنفاق { يعذبهم الله عذاباً أليماً } أي موجعاً في الدنيا بالقتل والخزي، وفي الآخر بعذاب النار، رومالهم في الأرض من ولي } يتولاهم ولا ناصر ينصرهم، أي وليس لهم في الدنيا من ولي يدفع عنهم ما أراد الله أن ينزله بهم من الخزي والعذاب وما لهم من ناصر ينصرهم بعد أن يخذلهم الله سبحانه وتعالى.

هداية الأيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان آية السيف وهي { يا أيها النبي جاهد الكفار والمنافقين }. 2- تقرير مبدأ الردة وهي أن يقول المسلم كلمة الكفر فيكفر بها وذلك كالطعن في الإِسلام أو سب الله أو رسوله صلى الله عليه وسلم أو التكذيب بما أمر الله تعالى بالإِيمان به والتصديق بضده أي بما أمر الله بتكذيبه.

3- تقرير مبدأ التوبة من كل الذنوب، وأن من تاب تقبل توبته.

4- الوعيد الشديد لمن يصر على الكفر ويموت عليه.

{ وَمِنْهُمْ مَّنْ عَاهَدَ ٱللَّهَ لَئِنْ آتَانَا مِن فَضْلِهِ لَنَصَّدَّقَنَّ وَلَنَكُونَنَّ مِنَ ٱلصَّالِحِينَ } * { فَلَمَّآ آتَاهُمْ مِّن فَضْلِهِ بَخِلُواْ بِهِ وَتَوَلَّواْ وَّهُمْ مُّعْرِضُونَ } * { فَأَعْقَبَهُمْ نِفَاقاً فِي قُلُوبِهِمْ إِلَىٰ يَوْمِ يَلْقَوْنَهُ بِمَآ أَخْلَفُواْ ٱللَّهَ مَا وَعَدُوهُ وَبِمَا كَانُواْ يَكْذِبُونَ } * { أَلَمْ يَعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ يَعْلَمُ سِرَّهُمْ وَنَجْوَاهُمْ وَأَنَّ ٱللَّهَ عَلاَّمُ ٱلْغُيُوبِ }

شرح الكلمات:

{ ومنهم }: أي من المنافقين.

{ لئن آتانا من فضله }: أي مالاً كثيراً.

{ بخلوا به }: أي منعوه فلم يؤدوا حقه من زكاة وغيرها.

{ فأعقبهم نفاقاً }: أي فأورثهم البخل نفاقاً ملازماً لقلوبهم لا يفارقها إلى يوم يلقون الله تعالى.

{ بما أخلفوا الله }: أي بسبب إخلافهم ما وعدوا الله تعالى به.

{ سرهم ونجواهم }: أي ما يسرونه في نفوسهم ويخفونه، وما يتناجون به فيما بينهم.

{ علام الغيوب }: يعلم كل غيب في الأرض أو في السماء.

معنى الآيات:

ما زال السياق في المنافقين وهم أصناف وهذا صنف آخر منهم قد عاهد الله تعالى لئن إغناهم من فضله وأصبحوا ذوي ثروة وما كثير ليصدقن منه ولينفقنّه في طريق البر والخير، فلما أعطاهم الله ما سألوا وكثر مالهم شحوا به وبخلوا، وتولوا عما تعهدوا به وما كانوا عليه من تقوى وصلاح، وهم معرضون. فأورثهم هذا البخل وخلف الوعد والكذب { نفاقاً في قلوبهم } لا يفارقهم حتى يلقوا ربهم. هذا ما دل عليه قوله تعالى { ومنهم من عاهد الله لئن آتانا من فضله لنصدقن ولنكونن من الصالحين فلما آتاهم من فضله بخلوا به وتولوا وهم معرضون فأعقبهم نفاقاً في قلوبهم إلى يوم يلقونه بما أخلفوا الله ما وعدوه وبما كانوا يكذبون } أما الآية الأخيرة (78) وهي قوله تعالى { ألم يعلموا أن الله يعلم الذين عاهدوا الله وأخلفوه بموقفهم الشائن كأنهم لا يعلمون أن الله يعلم سرهم ونجواهم وأنه تعالى علام الغيوب، وإلا كيف يعدونه يحلفون له أم يحسبون أن الله لا يسمع سرهم ونجواهم فموقفهم هذا موقف مخز لهم شائن، وويل لهم حيث لازمهم ثمرته وهو النفاق حتى الموت وبهذا أغلق باب التوبة في وجوههم وهلكوا مع الهالكين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب الوفاء بالعهود وخاصة عهود الله تعالى.

2- ذم البخل وأهله.

3- تقرير مبدأ أن السيئة يتولد عنها سيئة.

4- جواز تقريع وتأنيب أهل الباطل.

5- وجوب مراقبة الله تعالى إذ لو راقب هؤلاء المنافقون الله تعالى لما خرجوا عن طاعته.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hany1
المشرف العام
المشرف العام



عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 30/09/2011

سورة التوبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة   سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 5:59 pm


{ ٱلَّذِينَ يَلْمِزُونَ ٱلْمُطَّوِّعِينَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ فِي الصَّدَقَاتِ وَالَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ إِلاَّ جُهْدَهُمْ فَيَسْخَرُونَ مِنْهُمْ سَخِرَ ٱللَّهُ مِنْهُمْ وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ } * { ٱسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لاَ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِن تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَن يَغْفِرَ ٱللَّهُ لَهُمْ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَٱللَّهُ لاَ يَهْدِي ٱلْقَوْمَ ٱلْفَاسِقِينَ }

شرح الكلمات:

{ يلمزون }: أي يعيبون ويطعنون.

{ المطوّعين }: أي المتصدقين بأمواله زيادة على الفريضة.

{ إلا جهدهم }: إلا طاقتهم وما يقدرون عليه فيأتون به.

{ فيسخرون منهم }: أي يستهزئون بهم احتقاراً لهم.

{ استفغر لهم }: أي اطلب له المغفرة أو لا تطلب.

{ لا يهدي القوم الفاسقين }: أي إلى ما فيه خيرهم وسعادتهم وذلك لتوغلهم في العصيان.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في التنديد بالمنافقين وكشف عوارهم فقد أخبر تعالى أن رالذين يلمزون المطوعين من المؤمنين في الصدقات والذين لا يجدون إلا جهدهم فيسخرون منهم سخر الله منهم ولهم عذاب أليم }. أخبر تعالى أنه سخر منهم جزاء سخريتهم بالمتصدقين وتوعدهم بالعذاب الأليم. وكيفية لمزهم المتطوعين أن النبي صلى الله عليه وسلم دعا إلى الصدقة فإذا جاء الرجل بمال كثير لمزوه وقالوا مراء، وإذا جاء الرجل بالقليل لمزوه وقالوا: الله غني عن صاعك هذا فأنزل الله تعالى فيهم هذه الآية ففضحهم وسخر منهم وتوعدهم بأليم العذاب وأخبر نبيه أن استغفاره له وعدمه سواء فقال { استغفر لهم أو لا تستغفر لهم إن تستغفر لهم سبعين مرة فلن يغفر الله لهم } وبين علة ذلك بقوله { ذلك بأنهم كفروا بالله ورسوله } ، وهذه العلة كافية في عدم المغفرة لهم لأنها الكفر والكافر مخلد في النار. وأخبر تعالى أنه حرمهم الهداية فلا يتوبوا فقال { والله لا يهدي القوم الفاسقين } لأن الفسق قد أصبح وصفاً لازماً لهم فلذا هم لا يتوبون، وبذلك حرموا هداية الله تعالى.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- حرمة لمزا المؤمن والطعن فيه.

2- حرمة السخرية بالمؤمن.

3- غيرة الله على أوليائه حيث سخر الله ممن سخر من المطوعين.

4- من مات على الكفر لا ينفعه الاستغفار له، بل ولا يجوز الاستغفار له.

5- التوغل في الفسق أو الكفر أو الظلم يحرم صاحبه الهداية.

{ فَرِحَ ٱلْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلاَفَ رَسُولِ ٱللَّهِ وَكَرِهُوۤاْ أَن يُجَاهِدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَقَالُواْ لاَ تَنفِرُواْ فِي ٱلْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرّاً لَّوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ } * { فَلْيَضْحَكُواْ قَلِيلاً وَلْيَبْكُواْ كَثِيراً جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { فَإِن رَّجَعَكَ ٱللَّهُ إِلَىٰ طَآئِفَةٍ مِّنْهُمْ فَٱسْتَأْذَنُوكَ لِلْخُرُوجِ فَقُلْ لَّن تَخْرُجُواْ مَعِيَ أَبَداً وَلَن تُقَاتِلُواْ مَعِيَ عَدُوّاً إِنَّكُمْ رَضِيتُمْ بِٱلْقُعُودِ أَوَّلَ مَرَّةٍ فَٱقْعُدُواْ مَعَ ٱلْخَالِفِينَ }

شرح الكلمات:

{ فرح المخلفون }: أي سرّ الذين تخلفوا عن الجهاد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ وقالوا: لا تنفروا في الحر }: أي قال المنافقون لبعضهم بعضاً لا تخرجوا للغزو في الحر.

{ لو كانوا يفقهون }: أي لو كانوا يفقهون أسرار الأمور وعواقبها ونتائجها لما قالوا: لا تنفروا في الحر ولكنهم لا يفقهون.

{ فليضحكوا قليلاً وليبكوا }: أي في الدنيا، وليبكوا كثيراً في الدار الآخرة.

{ فإن رجعك الله إلى طائفة منهم }: أي من المنافقين.

{ فاعقدوا مع الخالفين }: أي المختلفين عن تبوك من النساء والأطفال وأصحاب الأعذار.

معنى الآيات:

ما زال السياق في الحديث عن المنافقين فقال تعالى مخبراً عنهم { فرح المخلفون } أي سر المتخلفون { بمقعدهم خلاف رسول الله } أي بقعودهم بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المدينة { وكرهوا أن يجاهدوا بأموالهم وأنفسهم } في سبيله، وكرههم هذا للجهاد هو ثمرة نفاقهم وكفرهم وقولهم { لا تنفروا في الحر } لأن غزوة تبوك كانت في شدة الحر، قالوا هذا لبعضهم بعضاً وهنا أمر الله تعالى رسوله أن يرد عليهم قولهم هذا فقال { قل نار جهنم أشد حراً } فلماذا لا لتَّقونها بالخروج في سبيل الله كما يتقون الحر بعدم الخروج، وقوله تعالى { لو كانوا يفقهون } أي لما تخلفوا عن الجهاد لأن نار جهنم أشد حراً، ولكنهم لا يفقهون وقوله تعالى { فليضحكوا قليلاً } أي في هذه الحياة النيا بما يحصل لهم من المسرات { وليبكوا كثيراً } أي يوم القيامة لما ينالهم من الحرمان العذاب، وذلك كان { جزاء بما كانوا يكسبون } من الشر والفساد، وقوله تعالى لرسوله صلى الله عليه وسلم { فإن رجعك الله إلى طائفة منهم } أي فإن ردك الله سالماً من تبوك إلى المدينة إلى طائفة من المنافقين { فستأذنوك للخروج } معك لغزو وجهاد { فقل لن تخرجوا معي أبداً، ولن تقاتلوا معي عدواً } وعلة ذلك { أنكم رضيتم بالعقود أول مرة فاقعدوا مع الخالفين } أي من النساء والأطفال فإن هذا يزيد في همهم ويعظم حسرتهم جزاء تخلفهم عن رسول الله وكراهيتهم الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- من علامات النفاق الفرح بترك طاعة الله ورسوله.

2- من علامات النفاق كراهية طاعة الله ورسوله.

3- كراهية الضحك والإِكثار منه.

4- تعمد ترك الطاعة قد يسبب الحرمات منها.

{ وَلاَ تُصَلِّ عَلَىٰ أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَداً وَلاَ تَقُمْ عَلَىٰ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِٱللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُونَ } * { وَلاَ تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلاَدُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ ٱللَّهُ أَن يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي ٱلدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ }

شرح الكلمات:

{ ولا تصل على أحد }: أي صلاة الجنازة.

{ ولا تقم على قبره }: أي لا تتول دفنه له كما تفعل مع المؤمنين.

{ وماتوا وهم فاسقون }: أي خارجون عن طاعة الله ورسوله.

{ وتزهق أنفسهم }: أي تخرج أرواحهم بالموت وهم كافرون.

معنى الآيتين:

ما زال السياق في شأن المنافقين المتخلفين عن غزوة تبوك، وإن كانت هذه الآية نزلت فيشأن عب الله بن أبي بن سلول كبير المنافقين وذلك أنه لما مات طلب ولده الحباب الذي سماه رسول الله صلى الله عليه وسلم عبد الله وقال له الحباب اسم الشيطان وسماه عبد الله جاءه فقال يا رسول الله إن أبي قد مات فأعطني قميصك أكفنه فيه " رجاء بركته " وصل عليه واستغفر له يا رسول الله فأعطاه رسول الله صلى الله عليه وسلم القميص وقال له إذا فرغتم فآذنوني فلما أراد أن يصلي عليه جذبه عمر وقال له: أليس ق نهاك الله أن تصلي على المنافقين فقال بل خيرني فقال استغفر لهم أو لا تستغفر لهم. فصلى عليه فأنزل الله تعالى هذه الآية { ولا تصل على أحد منهم مات أبداً، ولا تقم على قبره } أي لا تتول دفنه والدعاء له بالتثبيت عند المسألة. وعلل تعالى لهذا الحكم بقوله { إنهم كفروا بالله ورسووله وماتوا وهم فاسقون } ، وقوله { ولا تعجبك أموالهم وأولادهم } فتصلي عليهم. إني إنما أعطيتهم ذلك لا كرامة لهم وإنما لأعذبهم بها في الدنيا بالغموم والهموم { وتزهق أنفسهم } أي ويموتوا { وهم كافرون } فسينقلون إلى عذاب أبدي لا يخرجون منه، وذلك جزاء من كفر بالله ورسوله.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- حرمة الصلاة على الكافر مطلقاً.

2- حرمة غسل الكافر والقيام على دفنه والدعاء له.

3- كراهة الصلاة على أهل الفسق دون الكفر.

4- حرمة الإِعجاب بأحوال الكافرين المادية.

{ وَإِذَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ أَنْ آمِنُواْ بِٱللَّهِ وَجَاهِدُواْ مَعَ رَسُولِهِ ٱسْتَأْذَنَكَ أُوْلُواْ ٱلطَّوْلِ مِنْهُمْ وَقَالُواْ ذَرْنَا نَكُنْ مَّعَ ٱلْقَاعِدِينَ } * { رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطُبِعَ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَفْقَهُونَ } * { لَـٰكِنِ ٱلرَّسُولُ وَٱلَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ جَاهَدُواْ بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ وَأُوْلَـٰئِكَ لَهُمُ ٱلْخَيْرَاتُ وَأُوْلَـٰئِكَ هُمُ ٱلْمُفْلِحُونَ } * { أَعَدَّ ٱللَّهُ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِن تَحْتِهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَجَآءَ ٱلْمُعَذِّرُونَ مِنَ ٱلأَعْرَابِ لِيُؤْذَنَ لَهُمْ وَقَعَدَ ٱلَّذِينَ كَذَبُواْ ٱللَّهَ وَرَسُولَهُ سَيُصِيبُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ مِنْهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ استأذنك }: أي طلبوا إذنك لهم بالتخلف.

{ أولوا الطول منهم }: أي أولو الثروة والغنى.

{ ذرنا نكن مع القاعدين }: أي اتركنا مع المتخلفين من العجزة والمرضى والأطفال والنساء.

{ مع الخوالف }: أي مع النساء جمع خالفة المرأة تخلف الرجل في البيت إذا غاب.

{ طبع على قلوبهم }: أي توالت ذنوبهم على قلوبهم فأصبحت طابعاً عليهم فحجبتها. المعرفة.

{ لهم الخيرات }: أي في الدنيا بالنصر والغنيمة. وفي الآخرة بالجنة والكرامة فيها.

{ وأولئك هم المفلحون }: أي الفائزون بالسلامة من المخوف والظفر بالمحبوب.

{ المعذرون }: أي المتعذرون.

{ وقعد الذين كذبوا الله }: أي ولم يأت الى طلب الإِذن بالعقود عن الجهاد منافقوا الأعراب.

معنى الآيات:

ما زال السياق في كشف عورات المنافقين وبيان أحوالهم فقال تعالى { وإذا أنزلت سورة } أي قطعة من القرآن آية أو آيات { أن آمنوا بالله وجاهدوا مع رسوله } أي تأمر بالإِيمان بالله والجهاد مع رسوله { استأذنك أولوا الطول منهم } أي من المنافقين { وقالوا ذرنا نكن مع القاعدين } أي المتخلفين عن الجهاد للعجز كالمرضى والنساء والأطفال قال تعالى: في عيبهم وتأنيبهم { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } أي مع النساء وذلك لجبنهم وهزيمتهم النفسية وقوله تعالى { وطبع على قلوبهم } أي طبع الله على قلوبهم بآثار ذنوبهم التي رانت على قلوبهم فلذا هم لا يفقهون معنى الكلام وإلا لما رضوا بوصمة العار وهي أن يكونوا في البيوت مع النساء هذه حال المنافقين وتلك فضائحهم إذا أنزل سورة تأمر بالإِيمان والجهاد يأتون في غير حياء ولا كرامة يستأذنون في البقاء مع النساء { لكن الرسول والذين آمنوا معه جاهدوا بأمواله وأنفسهم } ولم يستأذنوا ففازوا بكرامة الدنيا. والآخرة قال تعالى { وأولئك لهم الخيرات } أي في الدنيا بالانتصارات والغنائم وفي الآخرة بالجنة ونعيمها ورضوان الله فيها. وقال { وأولئك هم المفلحون } أي الفائزون بالسلامة من كل مرهوب وبالظفر بكل مرغوب وفسر تعالى تلك الخيرات وذلك الفلاح بقوله في الآية (89) فقال { أعد الله لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها } وأخبر عما أعد لهم من ذلك النعيم المقيم بأنه الفوز فقال { ذلك الفوز العظيم }. هذا ما لت عليه الآيات الأربع أما الآية الخامسة (90) فقد تضمنت إخبار الله تعالى عن منافقي الأعراب أي البادية. فقال تعالى { وجاء المعذرون } أي المعتذرون ادغمت التاء في الذال فصارت المعذرون من الأعراب أي من سكان البادية كأسد وغطفان ورهط عامر بن الطفيل جاءوا يطلبون الإِذن من رسول الله صلى الله عليه وسلم بالتخلف بدعوى الجهد المخمصة، وقد يكونون معذورين حقاً وقد لا يكونون كذلك، وقوله { وقعد الذين كذبوا الله ورسوله } في دعوى الإِيمان بالله ورسوله وما هم بمؤمنين بل هم كافرون منافقون، فلذا قال تعالى فيهم { سيصيب الذين كفروا منهم عذاب أليم } في الدنيا وفي الآخرة،إن ماتوا على كفرهم.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- القرآن هو مصدر التشريع الإِلهي الأول والسنة الثاني.

2- مشروعية الاستئذان للحاجة الملحة.

3- حرمة الاستئذان للتخلف عن الجهاد مع القدرة عليه.

4- حرمة التخلف عن الجها بدون إذن من الإمام.

5- فضل الجهاد بالمال والنفس في سبيل الله.

6- بيان عظم الأجر وعظيم الجزاء لأهل الإِيمان والجهاد.

{ لَّيْسَ عَلَى ٱلضُّعَفَآءِ وَلاَ عَلَىٰ ٱلْمَرْضَىٰ وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ لاَ يَجِدُونَ مَا يُنفِقُونَ حَرَجٌ إِذَا نَصَحُواْ للَّهِ وَرَسُولِهِ مَا عَلَى ٱلْمُحْسِنِينَ مِن سَبِيلٍ وَٱللَّهُ غَفُورٌ رَّحِيمٌ } * { وَلاَ عَلَى ٱلَّذِينَ إِذَا مَآ أَتَوْكَ لِتَحْمِلَهُمْ قُلْتَ لاَ أَجِدُ مَآ أَحْمِلُكُمْ عَلَيْهِ تَوَلَّوْا وَّأَعْيُنُهُمْ تَفِيضُ مِنَ ٱلدَّمْعِ حَزَناً أَلاَّ يَجِدُواْ مَا يُنْفِقُونَ }

شرح الكلمات:

{ على الضعفاء }: أي كالشيوخ. ولا على المرضى: كالعمى والزَمْنَى.

{ حرج }: إي إثم على التخلف.

{ إذا نصحوا لله ورسوله }: أي لا حرج عليهم في التخلف إذا نصحوا لله ورسوله وذلك بطاعتهم لله ورسوله مع تركهم الإِرجاف والتثبيط.

{ ما على المحسنين من سبيل }: أي من طريق إلى مؤاخذتهم.

{ لتحملهم }: أي على رواحل يركبونها.

{ تولوا }: أي رجعوا الى بيوتهم.

{ تفيض من الدمع }: اي تسيل بالدموع حزناً على عدم الخروج.

معنى الآيتين:

لما ندد تعالى بالمتخلفين وتوعد بالعذاب الأليم الذين لم يعتذروا منهم ذكر في هذه الآيات أنه لا حرج على أصحاب الأعزار وهم الضعفاء، كالشيوخ والمرضى والعميان وذوو العرج والفقراء الذين لا يجدون ماينفقون ولكن بشرط نصحهم لله ورسوله فقال عز وجل { ليس على الضعفاء ولا على المرضى ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون حرج }. اي إثم { إذا نصحوا لله ورسوله } ومعنى النصح لله ورسوله طاعتهما في الأمر والنهي وترك الإِرجاف والتثبيط ولادعاية المضادة لله ورسوله والمؤمنين والجهاد في سبيل وقوله تعالى { ما على المحسنين من سبيل } أي ليس على من أحسنوا في تخلفهم لأنه أولاً بعذر شرعي وثانياً هم مطيعون لله ورسوله وثالثاً قلوبهم ووجوههم مع الله ورسوله وإن تخلفوا بأجسادهم للعذر فهؤلاء ما عليهم من طريق إلى انتقاصهم أو أذيتهم بحال من الأحوال، كما ليس من سبيل على الذين إذا ما أتوك لتحملهم } إلى الجهاد معك في سيرك { قلت } معتذراً إليهم { لا أجد ما أحملكم عليه تولوا } أي رجعوا إلى منازلهم وهم يبكون والدموع تفيض من أعينهم حزناً { ألا يجدون ما ينفقون } في سيرهم معكم وهم نفر منهم العرباص بن سارية وبنو مقرن وهم بطن من مزينة. رضي الله تعالى عنهم أجمعين.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- لا حرج على أصحاب الأعذار الذين ذكر الله تعالى في قوله { ليس على الأعمى حرج ولا على الأعرج حرج ولا على المريض حرج } وفي هذه الآية { ولا على الذين لا يجدون ما ينفقون } حرج وبشرط طاعة الله والرسول فيما يستطيعون والنصح لله والرسول بالقول والعمل وترك التثبيط والتخذيل والإِرجاف من الإِشاعات المضادة للإِسلام والمسلمين.

2- مظاهر الكمال المحمدي في تواضعه ورحمته وبره وإحسانه إلى المؤمنين.

3- بيان ما كان عليه أصحاب الرسول صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار من الإِيمان واليقين والسمع والطاعة والمحبة والولاء ورقة القلوب وصفاء الأرواح.

اللهم إنا نحبهم بحبك فأحببنا كما أحببتهم واجمعنا معهم في دار كرامتك.

{ إِنَّمَا ٱلسَّبِيلُ عَلَى ٱلَّذِينَ يَسْتَأْذِنُونَكَ وَهُمْ أَغْنِيَآءُ رَضُواْ بِأَن يَكُونُواْ مَعَ ٱلْخَوَالِفِ وَطَبَعَ ٱللَّهُ عَلَىٰ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لاَ يَعْلَمُونَ } * { يَعْتَذِرُونَ إِلَيْكُمْ إِذَا رَجَعْتُمْ إِلَيْهِمْ قُل لاَّ تَعْتَذِرُواْ لَن نُّؤْمِنَ لَكُمْ قَدْ نَبَّأَنَا ٱللَّهُ مِنْ أَخْبَارِكُمْ وَسَيَرَى ٱللَّهُ عَمَلَكُمْ وَرَسُولُهُ ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلَىٰ عَالِمِ ٱلْغَيْبِ وَٱلشَّهَادَةِ فَيُنَبِّئُكُم بِمَا كُنتُمْ تَعْمَلُونَ } * { سَيَحْلِفُونَ بِٱللَّهِ لَكُمْ إِذَا ٱنْقَلَبْتُمْ إِلَيْهِمْ لِتُعْرِضُواْ عَنْهُمْ فَأَعْرِضُواْ عَنْهُمْ إِنَّهُمْ رِجْسٌ وَمَأْوَاهُمْ جَهَنَّمُ جَزَآءً بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ } * { يَحْلِفُونَ لَكُمْ لِتَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِن تَرْضَوْاْ عَنْهُمْ فَإِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَرْضَىٰ عَنِ ٱلْقَوْمِ ٱلْفَاسِقِينَ }

شرح الكلمات:

{ إنما السبيل }: أي الطريق إلى المعاقبة.

{ أغنياء }: واجدون لأُهبة الجهاد مع سلامة أبدانهم.

{ الخوالف }: أي النساء والأطفال والعجزة.

{ إذا رجعتم إليهم }: أي إذا عدتم إليهم من تبوك، وكانوا بضعاً وثمانين رجلاً.

{ لن نؤمن لكم }: أي لن نصدقكم فيما تقولون.

{ ثم تُرَدُّون }: أي يوم القيامة.

{ إذا انقلبتم }: أي رجعتم من تبوك.

{ لتُعرِضوا عنهم }: أي لا تعاقبوهم.

{ رجس }: أي نَجَس لخُبْث بواطنهم.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في المُخَلَّفين من المنافقين وغير المنافقين فقال تعالى { إنما السبيل } أي الطريق إلى عقاب المخلَّفين على الذين يستأذنوك في التخلُّف عن الغزو وهم أغنياء ذو قُدرة على النفقة والسير { رضوا بأن يكونوا مع الخوالف } أي النساء { وطبع الله على قلوبهم } بسبب ذنوبهم فهم لذلك لا يعلمون أن تخلفهم عن رسول الله لا يُجديهم نفاً وأنه يجرُّ عليهم البلاء الذي لا يطيقونه. هؤلاءِ هُم الذين لكم سبيل على عقابهم ومؤاخذتهم، لا على الذين لا يجدون ما ينفقون، وطلبوا منك حملاناً فلم تجد ما تحملهم عليه فرجعوا إلى منازلهم وهم يبكون حزنا، هذا ما دلت عليه الآية الأولى (93) أما الآيات الثلاث بعدها فهي في المخلَّفين من المنافقين يخبر تعالى عنهم فيقول { يعتذرون إليكم إذا رجعتم إليهم } يطلبون العذر منكم إذا رجعتم إلى المدينة من غزوكم. قل لهم يا رسولنا لا تعتذروا لأننا لا نؤمن لكم أى لا نصدقكم فيما تقولونه، لأن الله تعالى قد نَبَّأنَا من أخباركم وسيرى الله عملكم ورسوله. إن أنتم تبتم فأخلصتم دينكم لله، أو أصررتم على كفركم ونفاقكم، وستُردُّون بعد موتكم إلى عالم الغيب والشهادة وهو الله تعالى فينبئكم يوم القيامة بعد بعثكم ما كنتم تعملون من حسنات أو سيئآت ويجزيكم بذلك الجزاء العادل. وقوله تعالى { سيحلفون بالله لكم إذا انقلبتم إليهم لتعرضوا عنهم } يخبر تعالى رسوله والمؤمنين فيقول سيحلف لكم هؤلاء المخلَّفون إذا رجعتم إليهم أي إلى المدينة من أجل أن تعرضوا عنهم فأعرضوا عنهم أي لا تؤاخذوهم ولا تلتفوا إليهم إنهم رجْس أي نَجَس، ومأواهم جهنم جزاء لهم بما كانوا يكسبونه من الكفر والنفاق والمعاصي. وقوله تعالى { يحلفون لكم } معتذرين بأنواع من المعاذير لترضوا عنهم فإن ترضوا عنهم فلن ينفعهم رضاكم شيئاً لأنهم فاسقون والله لا يرضى عن القوم الفاسقين وما دام لا يرضى عنهم فهو ساخط عليهم، ومن سخط الله عليه أهلكه وعذبه فلذا رضاكم عنهم وعدمه سواء.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- لا سبيل إلى أذِيَّة المؤمنين الصادقين إذا تخلَّفوا فإنهم ما تخلفوا إلا لعذر. وإنما السبيل على الأغنياء القادرين على السير إلى الجهاد وقعدوا عنه لنفاقهم.

2- مشروعية الاعتذار على شرط أن يكون المرء صادقاً في اعتذاره.

3- المنافقون كالمشركين رجْس أي نَجَس لأن بواطنهم خبيثة بالشرك والكفر وأعمالهم الباطنة خبيثة أيضاً إذْ كلها تآمر على المسلمين ومكر بهم وكيد لهم.

4- حرمة الرضا على الفاسق المجاهر بفسقه، إذ يجب بُغْضه فكيف يُرضى عنه ويُحب؟

{ ٱلأَعْرَابُ أَشَدُّ كُفْراً وَنِفَاقاً وَأَجْدَرُ أَلاَّ يَعْلَمُواْ حُدُودَ مَآ أَنزَلَ ٱللَّهُ عَلَىٰ رَسُولِهِ وَٱللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ مَغْرَماً وَيَتَرَبَّصُ بِكُمُ ٱلدَّوَائِرَ عَلَيْهِمْ دَآئِرَةُ ٱلسَّوْءِ وَٱللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ } * { وَمِنَ ٱلأَعْرَابِ مَن يُؤْمِنُ بِٱللَّهِ وَٱلْيَوْمِ ٱلآخِرِ وَيَتَّخِذُ مَا يُنفِقُ قُرُبَاتٍ عِندَ ٱللَّهِ وَصَلَوَاتِ ٱلرَّسُولِ أَلاۤ إِنَّهَا قُرْبَةٌ لَّهُمْ سَيُدْخِلُهُمُ ٱللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ الأعراب }: جمع أعرابي وهو من سكن البادية.

{ أشد كفراً ونفاقاً }: أي من كفار ومنافقي الحاضرة.

{ وأجدر }: أي أحق وأولى.

{ حدود ما أنزل الله }: أي بشرائع الإِسلام.

{ مغرما }: أي غرامة وخسراناً.

{ ويتربص }: أي ينتظر.

{ الدوائر }: جمع دائرة: ما يحيط بالإِنسان من مصيبة أو نكبة.

{ دائرة السوء }: أي المصيبة التي تسوءهم ولا تسرهم وهي الهلاك.

{ قربات }: جمع قربة وهي المنزلة المحمودة.

{ وصلوات الرسول }: أي دعاؤه بالخير.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في الكشف عن المنافقين وإعدادهم للتوبة أو للقضاء عليهم ففي الآية الأولى (97) يخبر تعالى أن الأعراب وهم سكان البادية من العرب أشد كفراً ونفاقاً من كفار الحَضَر ومنافقيهم. وإنهم أجدر أي أخلق وأحق أي بأن لا يعلموا حدود ما أنزل الله على رسوله أي من الأحكام والسنن وذلك لبعدهم عن الاتصال بأهل الحاضرة وقوله تعالى { والله عليم حكيم } أي عليم بخلقه حكيم في شرعه فما أخبر به هو الحق الواقع، وما قضى به هو العدل الواجب. وقوله تعالى في الآية الثانية (98) الجهاد غرامة لزمَتْه وخسارة لحقَتْه في ماله وذلك لأنه لا يؤمن بالثواب والعقاب الأخروي لأنه كافر بالله ولقاء الله تعالى. وقوله عز وجل { ويتربص بكم الدوائر } أي وينتظر بكم أيها المسلمون الدوائر متى تنزل بكم فيتخلص منكم ومن الانفاق لكم والدوائر جمع دائرة المصيبة والنازلة من الأحداث وقوله تعالى { عليهم دائرة السوء } هذه الجملة دعاء عليهم. جزاء ما يتربصون بالمؤمنين. وقوله { والله سميع عليم } أي سميع لأقوالهم عليم بنياتهم فلذا دعا عليهم بما يستحقون. وقوله تعالى في الآية الثالثة ( 99) { ومن الأعراب من يؤمن بالله واليوم الآخر ويتخذ ما ينفق قربات عند الله وصلوات الرسول } إخبار منه تعالى بأن الأعراب ليسوا سواء بل منهم من يؤمن بالله واليوم الآخر، فلذا هو يتخذ ما ينفق من نفقة في الجهاد قربات عند الله أي قرباً يتقرب بها إلى الله تعالى، ووسيلة للحصول على دعاء الرسوله له، لأن الرسول صلى الله عليه وسلم كان إذا أتاه المؤمن بزكاته أو صدقته يدعو له بخير، كقوله لعبد الله بن أبي أوفى: اللهم صل على آل أبي أوفى، وقوله تعالى { ألا إنها قربة لهم } إخبار منه تعالى بأنه تقبلها منهم وصارت قربة لهم عنده تعالى، وقوله تعالى { سيدخلهم الله في رحمته } بشرى لهم بدخول الجنة، وقوله { إن الله غفور رحيم } يؤكد وعد الله تعالى لهم بإدخالهم في رحمته التي هي الجنة فإنه يغفر ذنوبهم أولاً، ويدخلهم الجنة ثانياً هذه سنته تعالى في أوليائه، يطهرهم ثم ينعم عليهم بجواره.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان أن سكان البادية يُحرمون من كثير من الآداب والمعارف فلذا سكن البادية غير محمود إلا إذا كان فراراً من الفتن.

2- من الأعراب المؤمن والكافر والبر والتقي والمعاصي والفاجر كسكان المدن إلا أن كفار البادية ومنافقيها أشد كفراً ونفاقاً لتأثير البيئة.

3- فضل النفقة في سبيل الله والإِخلاص فيها لله تعالى.

{ وَٱلسَّابِقُونَ ٱلأَوَّلُونَ مِنَ ٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنْصَارِ وَٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُم بِإِحْسَانٍ رَّضِيَ ٱللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُواْ عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا ٱلأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَآ أَبَداً ذٰلِكَ ٱلْفَوْزُ ٱلْعَظِيمُ } * { وَمِمَّنْ حَوْلَكُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ مُنَافِقُونَ وَمِنْ أَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ مَرَدُواْ عَلَى ٱلنِّفَاقِ لاَ تَعْلَمُهُمْ نَحْنُ نَعْلَمُهُمْ سَنُعَذِّبُهُم مَّرَّتَيْنِ ثُمَّ يُرَدُّونَ إِلَىٰ عَذَابٍ عَظِيمٍ } * { وَآخَرُونَ ٱعْتَرَفُواْ بِذُنُوبِهِمْ خَلَطُواْ عَمَلاً صَالِحاً وَآخَرَ سَيِّئاً عَسَى ٱللَّهُ أَن يَتُوبَ عَلَيْهِمْ إِنَّ ٱللَّهَ غَفُورٌ رَّحِيمٌ }

شرح الكلمات:

{ والسابقون }: أي إلى الإِيمان والهجرة والنصرة والجهاد.

{ اتبعوهم بإحسان }: أي في أعمالهم الصالحة.

{ رضي الله عنهم }: بسبب طاعتهم له وإنابتهم إليه وخشيتهم منه ورغبتهم فيما لديه.

{ ورضوا عنه }: بما أنعم عليهم من جلائل النعم وعظائم المِنَنْ.

{ وممن حولكم }: أي حول المدينة من قبائل العرب.

{ مردوا }: مرقوا وحذقوه وعتواْ فيه.

{ سنعذبهم مرتين }: الأولى قد تكون فضيحتهم بين المسلمين والثانية عذاب القبر.

معنى الآيات:

قوله تعالى: { والسابقون الأولون من المهاجرين والأنصار } وهم الذين سبقوا غيرهم إلى الإِيمان والهجرة والنصرة والجهاد، والذين اتبعوهم في ذلك وأحسنوا أعمالهم فكانت موافقة لما شرع الله وبين رسوله محمد صلى الله عليه وسلم؛ الجميع رضي الله عنهم بإيمانهم وصالح أعمالهم، ورضوا عنه بما أنالهم من إنعام وتكريم، وأعد لهم جنات تجري من تحتها الأنهار خالدين فيها أبداً أي وبشرهم بما أعد لهم من جنات وقوله { ذلك الفوز العظيم } أي ذلك المذكور من رضاه تعالى عنهم ورضاهم عنه وإعداد الجنة لهم هو الفوز العظيم، والفوز السلامة من المرهوب والظفر بالمرغوب فالنجاة من النار ودخول الجنة هو الوفوز العظيم، هذا ما دلت عيله الآية الأولى (100) وأما الآية الثانية فقد تضمنت الإِخبار بوجود منافقين في الأعراب حول المدينة، ومنافقين في داخل المدينة، إلا أنهم لتمرسهم وتمردهم في النفاق أصبحوا لا يُعرفون، لكن الله تعالى يعلمهم هذا معنى قوله تعالى { وممن حولكم من الأعراب منافقون ومن أهل المدينة مردوا على النفاق لا تعلمهم نحن نعلمهم } ، وقوله تعالى { سنعذبهم مرتين ثم يردون إلى عذاب عظيم } وعيد لهم نافذ فيهم لا محالة وهو أنه تعالى سيعذبهم في الدنيا مرتين مرة بفضحهم أو بما شاء من عذاب ومرة في قبورهم، ثم بعد البعث يردهم إلى عذاب النار وهو العذاب العظيم، وقوله تعالى في الآية الثانية (102) { وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً } هؤلاء أُناس آخرون تخلفوا عن الجهاد بغير عذر وهم أبو لبابة ونفر معه ستة أو سبعة أنفار ربطوا أنفسهم في سواري المسجد لما سمعوا ما نزل في المتخلفين وقالوا لن نحل أنفسنا حتى يحلنا رسول الله صلى الله عليه وسلم خلطوا عملاً صالحاً وهو إيمانهم وجهادهم وإسلامهم وعملاً سيئاً بتوبة الله تعالى عليهم فجاء رسول الله صلى الله عليه وسلم فحل رباطهم وقالوا لرسول الله صلى الله عليه وسلم هذه أموالنا التي خلفتنا عنك خذها فتصدق بها استغفر لنا فقال ما أمرت أن آخذ من أموالكم شيئاً.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- فضل السبق للخير والفوز بالأولية فيه.

2- فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم على غيرهم ممن جاء بعدهم.

3- فضل التابعين لأصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إن أحسنوا المتابعة.

4- علْم ما في القلوب إلى الله تعالى فلا يعلم أحد من الغيب إلا ما علَّمه الله عز وجل.

5- الرجاء لأهل التوحيد الذين خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئاً بأن يغفر الله لهم ويرحمهم.

{ مَا كَانَ لِلنَّبِيِّ وَٱلَّذِينَ آمَنُوۤاْ أَن يَسْتَغْفِرُواْ لِلْمُشْرِكِينَ وَلَوْ كَانُوۤاْ أُوْلِي قُرْبَىٰ مِن بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُمْ أَصْحَابُ ٱلْجَحِيمِ } * { وَمَا كَانَ ٱسْتِغْفَارُ إِبْرَاهِيمَ لأَبِيهِ إِلاَّ عَن مَّوْعِدَةٍ وَعَدَهَآ إِيَّاهُ فَلَمَّا تَبَيَّنَ لَهُ أَنَّهُ عَدُوٌّ للَّهِ تَبَرَّأَ مِنْهُ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ لأَوَّاهٌ حَلِيمٌ } * { وَمَا كَانَ ٱللَّهُ لِيُضِلَّ قَوْماً بَعْدَ إِذْ هَدَاهُمْ حَتَّىٰ يُبَيِّنَ لَهُم مَّا يَتَّقُونَ إِنَّ ٱللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ } * { إِنَّ ٱللَّهَ لَهُ مُلْكُ ٱلسَّمَاوَاتِ وَٱلأَرْضِ يُحْيِـي وَيُمِيتُ وَمَا لَكُمْ مِّن دُونِ اللَّهِ مِن وَلِيٍّ وَلاَ نَصِيرٍ }

شرح الكلمات:

{ أن يستغفروا للمشركين }: أي يسألون الله تعالى لهم المغفرة.

{ أولي قربى }: أصحاب قرابة كلأُبُّوة والبُنوَّة الأُخوة.

{ موعدة }: أي وعدٌ وعده به.

{ تبرأ منه }: أي قال: إني برىء منك.

{ أواه حليم }: الأواه: كثير الدعاء والشكوى إلى الله تعالى والحليم الذي لا يغضب ولا يؤاخذ بالذنب.

{ ما يتقون }: أي ما يتقون الله تعالى فيه فلا يفعلوه أو لا يتركوه.

{ من ولي }: الولي من يتولى أمرك فيحفظك ويعينك.

{ معنى الآيات }:

لما مات أبو طالب على الشرك بعد أن عرض عليه الرسول كلمة التوحيد (لا إله إلا الله) فأبى أن يقولها وقال هو على ملة عبد الله مطلب قال له النبي صلى الله عليه وسلم لأستغفرنَّ لك ما لم أَنْهَ عن ذلك، واستغفر بعض المؤمنين أيضاً لأقربائهم الذين ماتوا على الشرك، أنزل الله تعالى قوله { ما كان للنبي والذين آمنوا أن يستغفروا للمشركين ولو كانوا أولي قربى من بعد ما تبين لهم أنهم أصحاب الجحيم } إذ ماتوا على الشرك ومن مات على الشرك قضى الله تعالى بأنه في النار أي ما صح ولا انبغى للنبي صلى الله عليه وسلم والذين آمنوا أن يستغفروا أي ما صح ولا انبغى استغفارهم. ولما قال بعضَّ إن ابراهيم قد استغفر لأبيه وهو مشرك قال تعالى جواباً { وما كان استغفار ابراهيم لأبيه إلا عن موعدة وعدها إياه } وهي قوله:
{ سأستغفر لك ربي إنه كان بي حفياً }
لكنه عليه السلام لما تبين له أن أباه عدو لله أي مات على الشرك تبرأ منه ولم يستغفر له، وقوله { إن إبراهيم لأواه حليم } تعليل لمواعدة إبراهيم أباه بالاستغفار له لأن إبراهيم كان كثر الدعاء والتضرع والتأسف والتحسر فلذا واعد أباه بالاستغفار له وقوله تعالى { وما كان الله ليضل قوماً بعد إذ هداهم حتى يبين لهم ما يتقون } هذه الآية نزلت رداً على تساؤلات الذين قالوا متندمين لقد كنا استغفرنا لأقربنا المشركين فخافوا فأخبرهم تعالى أنه ليس من شأنه تعالى أن يضل قوماً بعد إذ هداهم إلى الصراط المستقيم حتى يبين لهم ما يتقون وأنتم استغفرتم لأقربائكم قبل أن يبين لكم أنه حرام. ولكن إذا أرد الله أن يضل قوماً بين لهم ما يجب أن يتقوه فيه فإذا لم يتقوه أضلهم. وقوله تعالى { إن الله لكل شيء عليم } فلا يضل إلا من يستحق الضلال كما أنه يهدي من يستحق الهداية وذلك لعلمه بكل شيء وقوله تعالى { له ملك السموات والأرض } أي خلقاً وملكاً وتصرفاً فهو يضل من يشاء ويهدي من يشاء يحيي ويميت يحيي بالإِيمان ويميت بالكفر ويحيى الأموات ويميت الأحياء لكامل قدرته وعظيم سلطانه وقوله { وما لكم من دون الله من ولي ولا نصير } أي ليس لكم من يتولاكم إذا تخلى عنكم وليس لكم من ينصركم إذا خذلكم فلذا وجبت طاعته الاتكال عليه، وحرم الالتفات الى غيره من سائر خلقه.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- حرمة الاستغفار لمن مات على الشرك لأن الله لا يغفر أن يشرك به فلذا لا يطلب منه شيء اخبر أنه لا يفعله.

2- وجوب الوفاء بالوعود والعهود.

3- ليس من سنة الله تعالى في الناس أن يضل عباده قبل أن يبين لهم ما يجب عليهم عمله أو اتقاؤه.

4- ليس للعبد من دون الله من ولي يتولاه ولا نصير ينصره ولذا وجبت ولاية الله بطاعته واللجوء إليه بالتوكل عليه.

{ لَقَدْ تَابَ الله عَلَىٰ ٱلنَّبِيِّ وَٱلْمُهَاجِرِينَ وَٱلأَنصَارِ ٱلَّذِينَ ٱتَّبَعُوهُ فِي سَاعَةِ ٱلْعُسْرَةِ مِن بَعْدِ مَا كَادَ يَزِيغُ قُلُوبُ فَرِيقٍ مِّنْهُمْ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ إِنَّهُ بِهِمْ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { وَعَلَى ٱلثَّلاَثَةِ ٱلَّذِينَ خُلِّفُواْ حَتَّىٰ إِذَا ضَاقَتْ عَلَيْهِمُ ٱلأَرْضُ بِمَا رَحُبَتْ وَضَاقَتْ عَلَيْهِمْ أَنفُسُهُمْ وَظَنُّوۤاْ أَن لاَّ مَلْجَأَ مِنَ ٱللَّهِ إِلاَّ إِلَيْهِ ثُمَّ تَابَ عَلَيْهِمْ لِيَتُوبُوۤاْ إِنَّ ٱللَّهَ هُوَ ٱلتَّوَّابُ ٱلرَّحِيمُ } * { يَـۤأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ ٱتَّقُواْ ٱللَّهَ وَكُونُواْ مَعَ ٱلصَّادِقِينَ }

شرح الكلمات:

{ المهاجرين }: الذين هجروا ديارهم من مكة وغيرها ولحقوا برسول الله بالمدينة.

{ الأنصار }: هم سكان المدينة من الأوس والخزرج آمنوا ونصروا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

{ ساعة العسرة }: هي أيام الخروج إلى تبوك لشدة الحر والجوع والعطش.

{ يزيغ قلوب }: أي تميل عن الحق لشدة الحال وصعوبة الموقف.

{ الثلاثة الذين خلفوا }: هم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية.

{ بما رحبت }: أي على اتساعها ورحبتها.

{ أن لا ملجأ }: أي إذ لا مكان للُّجوء فيه والهرب إليه.

{ الصادقين }: في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم والصدق ضد الكذب.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في أحداث غزوة تبوك وفي هذه الآيات الثلاث إعلان عن شرف وكرامة الرسول صلى الله عليه وسلم وأصحابه البررة من الأنصار والمهاجرة إذ قال تعالى { لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار } أي أدامها (التوبة) وقبلها وقوله { الذين اتبعوه في ساعة العسرة } أي عند خروجه إلى تبوك في الحر الشديد والفاقة الشديدة وقوله { من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم } وذلك لصعوبة الحال وشدة الموقف لقد عطشوا يوماً كما قال عمر رضي الله عنه كان أحدنا يذبح بعيره ويعصر فرثه فيشرب ماءه ويضع بعضه على كبده فخطر ببعض القوم خواطر كادت القلوب تزيغ أي تميل عن الحق ولكن الله تعالى ثبتهم فلم يقولوا سوءاً ولم يعملوه لأجل هذا أعلن الله تعالى في هذه الآيات عن كرامتهم وعلو مقامهم ثم تاب عليهم إنَّهُ هوالتواب الرحيم وقوله { وعلى الثلاثة الذين خلفوا } وهم كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية ومعنى خلقوا أرجئوا في البت في توبتهم إذ تقدم قوله تعالى
{ وآخرون مرجون لأمر الله }
فقد تخلفت توبتهم خمسين يوماً { حتى إذا ضاقت عليهم الأرض بما رحبت وضاقت عليهم أنفسهم وظنوا أن لا ملجأ من الله إلا إليه } فصبروا على شدة ألم النفس من جراء المقاطعة التي أعلنها رسول الله صلى الله عليه وسلم لهم انتظاراً لحكم الله لأنهم تخلفوا عن الخروج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى تبوك ولم يكن لهم عذر، فلذا لما قدم النبي صلى الله عليه وسلم تقدم المخلفون فاعتذروا فقبل منهم رسول الله وتاب الله على المؤمنين منهم ولم يتقدم هؤلاء الثلاثة ليعتذروا خوفاً من الكذب فآثروا جانب الصدق فأذاقهم الله ألم المقاطعة ثم تاب عليهم وجعلهم مثلاً للصدق فدعا المؤمنين أن يكونوا معهم فقال { يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين } أي اتقوا الله باتباع اوامره واجتناب نواهيه وكونوا من الصادقين في نياتهم وأقوالهم وأعمالهم تكونوا مع الصادقين في الآخرة مع النبي صلى الله عليه وسلم وأبي بكر وعمر رضي الله عنهما وسائر النبيين والصديقين والشهداء والصالحين.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- بيان فضل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.

2- بيان فضل غزوة العسرة على غيرها من الغزوات " وهي غزوة تبوك ".

3- بيان فضل الله على المؤمنين بعصمة قلوبهم من الزيغ في حال الشدة.

4- بيان فضل كعب بن مالك وصاحبيه في صبرهم وصدقهم ولجوئهم إلى الله تعالى حتى فرج عليهم وتاب عليهم وكانوا مثالاً للصدق.

5- وجوب التقوى والصدق في النيات والأقوال والأحوال والأعمال.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
hany1
المشرف العام
المشرف العام



عدد المساهمات : 129
تاريخ التسجيل : 30/09/2011

سورة التوبة Empty
مُساهمةموضوع: رد: سورة التوبة   سورة التوبة Emptyالخميس أكتوبر 20, 2011 6:00 pm


{ مَا كَانَ لأَهْلِ ٱلْمَدِينَةِ وَمَنْ حَوْلَهُمْ مِّنَ ٱلأَعْرَابِ أَن يَتَخَلَّفُواْ عَن رَّسُولِ ٱللَّهِ وَلاَ يَرْغَبُواْ بِأَنْفُسِهِمْ عَن نَّفْسِهِ ذٰلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ وَلاَ يَطَأُونَ مَوْطِئاً يَغِيظُ ٱلْكُفَّارَ وَلاَ يَنَالُونَ مِنْ عَدُوٍّ نَّيْلاً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ بِهِ عَمَلٌ صَالِحٌ إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يُضِيعُ أَجْرَ ٱلْمُحْسِنِينَ } * { وَلاَ يُنفِقُونَ نَفَقَةً صَغِيرَةً وَلاَ كَبِيرَةً وَلاَ يَقْطَعُونَ وَادِياً إِلاَّ كُتِبَ لَهُمْ لِيَجْزِيَهُمُ ٱللَّهُ أَحْسَنَ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ } * { وَمَا كَانَ ٱلْمُؤْمِنُونَ لِيَنفِرُواْ كَآفَّةً فَلَوْلاَ نَفَرَ مِن كُلِّ فِرْقَةٍ مِّنْهُمْ طَآئِفَةٌ لِّيَتَفَقَّهُواْ فِي ٱلدِّينِ وَلِيُنذِرُواْ قَوْمَهُمْ إِذَا رَجَعُوۤاْ إِلَيْهِمْ لَعَلَّهُمْ يَحْذَرُونَ }

شرح الكلمات:

{ ومن حولهم من الأعراب }: وهم مزينة وجهينة وأشجع وغفار وأسلم.

{ ولا يرغبوا بانفسهم عن نفسه }: أي يطلبون لأنفسهم الراحة ولنفس رسول الله التعب والمشقة.

{ ظمأ }: اي عطش.

{ ولا نصب }: أي ولا تعب.

{ ولا مخمصة }: أي مجاعة شديدة.

{ يغيظ الكفار }: أي يصيبهم بغيظ في نفوسهم يحزنهم.

{ نيلا }: اي منالاً من أسر أو قتل أو هزيمة للعدو.

{ وادياً }: الوادي: سيل الماء بين جبلين أو مرتفعين.

{ طائفة }: أي جماعة معدودة.

{ ليتفقهوا في الدين }: أي ليعلموا أحكام وأسرار شرائعه.

{ ولينذروا قومهم }: أي ليخوفوهم عذاب النار بترك العمل بشرع الله.

{ لعلهم يحذرون }: أي عذاب الله تعالى بالعلم والعمل.

معنى الآيات:

ما زال السياق الكريم في آثار أحداث غزوة تبوك فقال تعالى { ما كان لأهل المدينة } أي سكانها من المهاجرين والأنصار { ومن حولهم من الأعراب } أي ومن النازلين حول المدينة من الأعراب كمزينة وجهينة وغفار واشجع وأسلم { أن يتخلفوا عن رسول الله } إذا خرج إلى جهاد ودعا بالنفير العام وفي هذا عتاب ولوم شديد لمن تخلفوا عن غزوة تبوك وقوله { ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه } أي بأن يطلبوا لأنفسهم الراحة دون نفس رسول الله صلى الله عليه وسلم { ذلك } أي النهي الدال عليه بصيغة ما كان لأهل المدينة وهي أبلغ من النهي بأداته (لا) لأنه نفي للشأن أي هذا مما لا ينبغي أن يكون أبداً. وقوله { بأنهم لا يصيبهم } بسبب أنهم لا يصيبهم { ظمأ } أي عطش { ولا نصب } أي تعب { ولا مخمصة } أي جوع شديد في سبيل الله أي في جهاد أهل الكفر لإِعلاء كلمة الإِسلام التي هى كلمة الله { ولا يطأون موطئا يغيظ الكفار } أي ولا يطأون أرضاً من أرض العدو يغتاظ لها العدو الكافرون ويحزن { ولا ينالون من عدو } أي لله تعالى { نيلاً } أي منالاً أي أسرى أو قتلى أو غنيمة منه أو هزيمة له { إلا كتب لهم به عمل صالح } فلهذا لا ينبغي لهم أن يتخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى لا يفوتهم هذا الأجر العظيم. وقوله { إن اللهلا يضيع أجر المحسنين } تعليل لتقرير الأجر وإثباته لهم إن هُم خرجوا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم وأحسنوا الصحبة والعمل وقوله تعلاى { ولا ينفقون نفقة } أي في سبيل الله الذي هو هنا الجهاد { صغيرة ولا كبيرة } أي قليلة ولا كثيرة { ولا يقطعون وادياً } ذاهبين إلى في سبيل الله الذي هو هنا الجهاد { إلا كتب لهم } أي ذلك المذكور من النفقة والسير في سبيل الله، وقوله تعالى { ليجزيهم الله أحسن ما كانوا يعملون } أي جزاء أحسن عمل كانوا يعملونه قبل خروجهم في سبيل الله، وقوله تعالى { فلولا نفر من كل فرقة } أي قبيلة منهم طائفة أي جماعة { ليتفقهوا في الدين } بما يسمعون من رسول الله صلى الله عليه وسلم ويتعلمونه منه { ولينذروا قومهم } عواقب الشرك والشر والفساد { لعلهم يحذرون } ذلك فينجون من خزى الدنيا وعذاب الآخرة هذه الآية نزلت لما سمع المسلمون ورأوا نتائج التخلف عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا لن نتخلف بعد اليوم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أبداً ولا نتخلف عن غزو ما حيينا فأنزل الله تعالى هذه الآية يرشدهم إلى ما هو خير وأمثل فقال { فلولا } أي فهلا نفر من كل فرقة منهم أي قبيلة أو حيّ من أحيائهم طائفة فقط وتبقى طائفة منهم بدل أن يخرجوا كلهم ويتركون رسول الله صلى الله عليه وسلم وحده فإن خروجهم على هذا النظام أنفع لهم فالذين يبقون مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يخرجون معه إذا خرج يتفقهون في الدين لصحبتهم لرسول الله صلى الله عليه سولم والباقون هم في مهام دينهم أيضاً ودنياهم فإذا رجع أولئك المتفقهون علموا إخوانهم ما فاتهم من العلم وأسرار الشرع كما أن الذين ينفرون إلى الجهاد قد يشاهدون من نصر الله لأوليائه وهزيمته لأعدائه ويشاهدون أيضاً ضعف الكفار وفساد قلوبهم وأخلاقهم وسوء حياتهم فيعودون إلى إخوانهم فينذرونهم ما عليه أهل الكفر والفساد فيحذرون منه ويتجنبونه وفي هذا خير للجميع وهو معنى قوله تعالى { ولينذروا قومهم إذا رجعوا إليهم لعلهم يحذرون }.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- وجوب إيثار رسول الله صلى الله عليه وسلم على النفس بكل خير بل بالحياة كلها.

2- بيان فضل السير في سبيل الله، وما فيه من الأجر العظيم.

3- فضل الإِحسان وأهله.

4- تساوي فضل طلب العلم والجهاد على شرط النية الصالحة في الكل وطالب العلم لا ينال هذا الأجر إلا إذا كان يتعلم ليعلم فيعمل فيعلم مجاناً في سبيل الله والمجاهد لا ينال هذا الأجر إلا إذا كان لإِعلاء كلمة الله خاصة.

5- حاجة الأمة إلى الجهاد والمجاهدين كحاجتها إلى العلم والعلماء سواء بسواء.

{ يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مِّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلْيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُوۤاْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ }

شرح الكلمات:

{ آمنوا }: أي بالله ورسوله ووعد الله ووعيده.

{ الذين يلونكم }: أي يلون بلادكم وحدودها.

{ من الكفار }: من: بَيانِيَّة، أي الكافرين.

{ وليجدوا فيكم غلظة }: أي قوة بأس وشدة مراس ليرهبوكم وينهزموا أمامكم.

{ مع المتقين }: أي بنصره وتأييده والمتقون هم الذين اتقوا الشرك والمعاصي والخروج عن السنن الإِليهة في النصر والهزيمة.

معنى الآية الكريمة:

لما طهرت الجزيرة من الشرك واصبحت دار إسلام وهذا في أخريات حياة الرسول صلى الله عليه وسلم وذلك بعد غزوة تبوك أمر الله تعالى المؤمنين بأن يواصلوا الجهاد في سبيله بعد وفاة نبيه وأرشدهم إلى الطريق التي يجب أن يتبعوها في ذلك وهي: أن يبدأوا بدعوة وقتال أقرب كافر منهم والمراد به الكافر المتاخم لحدودهم كالأردن أو الشام أو العراق مثلاً فيعسكروا على مقربة منهم ويدعونهم إلى خصلة من ثلاث: الدخول في دين الله الإِسلام أو قبول حماية المسلمين لهم بدخولهم البلاد وضرب الجزية على القادرين منهم مقابل حمايتهم وتعليمهم وحكمهم بالعدل والرحمة الإِسلامية أو القتال حتى يحكم الله بيننا وبينكم فإذا ضمت أرض هذا العدوإلى بلادهم وأصبحت لهم حدود أخرى فعلوا كما فعلوا أولاً وهكذا حتى لا تكون فتنة ويكون الدين كله لله، فتسعد البشرية في دنياها وآخرتها. وأمرهم أن يعلموا أن الله ما كلفهم بالجهاد إلا وهو معهم وناصرهم ولكن على شرط أن يتقوه في أمره ونهيه فهذا ما دلت عليه الآية الكريمة { يا أيها الذين آمنوا قاتلوا الذين يلونكم من الكفار وليجدوا فيكم غلظة } أي قوة بأس وشدة مراس في الحرب { واعلموا أن الله مع المتقين }. أي بنصره وتأييده.

هداية الآية الكريمة

من هداية الآية الكريمة:

1- وجوب الجهاد واستمراريته إلى أن لا تبقى فتنة أو شرك أو اضطهاد لمؤمن ويكون الدين والحكم كلاهما لله تعالى.

2- مشروعية البداءة في الجهاد بأقرب الكفار إلى بلاد المسلمين من باب (الأقربون أولى بالمعروف).

3- إذا اتسعت بلاد الإِسلام تعين على أهل كل ناحية قتال من يليهم الأقرب فالأقرب.

4- وعد الله بالنصر والتأييد لأهل التقوى العامة والخاصة.

{ وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ فَمِنْهُمْ مَّن يَقُولُ أَيُّكُمْ زَادَتْهُ هَـٰذِهِ إِيمَاناً فَأَمَّا ٱلَّذِينَ آمَنُواْ فَزَادَتْهُمْ إِيمَاناً وَهُمْ يَسْتَبْشِرُونَ } * { وَأَمَّا ٱلَّذِينَ فِي قُلُوبِهِم مَّرَضٌ فَزَادَتْهُمْ رِجْساً إِلَىٰ رِجْسِهِمْ وَمَاتُواْ وَهُمْ كَافِرُونَ } * { أَوَلاَ يَرَوْنَ أَنَّهُمْ يُفْتَنُونَ فِي كُلِّ عَامٍ مَّرَّةً أَوْ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ لاَ يَتُوبُونَ وَلاَ هُمْ يَذَّكَّرُونَ } * { وَإِذَا مَآ أُنزِلَتْ سُورَةٌ نَّظَرَ بَعْضُهُمْ إِلَىٰ بَعْضٍ هَلْ يَرَاكُمْ مِّنْ أَحَدٍ ثُمَّ ٱنصَرَفُواْ صَرَفَ ٱللَّهُ قُلُوبَهُم بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لاَّ يَفْقَهُونَ }

شرح الكلمات:

{ سورة }: أي قطعة من القرآن وسواء كانت آيات من سورة أو سورة بكاملها وحدها.

{ زداته إيماناً }: أي السورة قَوَّت وزادت فيه لأنها كالغيث النافع.

{ يستبشرون }: فرحين بفضل الله تعالى عليهم.

{ في قلوبهم مرض }: أي شك ونفاق وشرك.

{ فزادتهم رجساً }: أي نجساً إلى نجس قلوبهم ونفوسهم.

{ يفتنون }: أي يمتحنون.

{ ولا هم يذكرون }: أي لا يتعظون لموات قلوبهم.

{ صرف الله قلوبهم }: دعاء عليهم بأن لا يجرعوا إلى الحق بعد انصرافهم عنه.

{ لا يفقهون }: أي لا يفهمون أسرار الخطاب لظلمة قلوبهم وخبث نفوسهم.

معنى الآيات:

هذا آخر حديث عن المنافقين فى سورة براءة الفاضحة للمنافقين يقول تعالى { وإذا ما أنزلت سورة } أي من سور القرآن التي بلغت 114 سورة نزلت وتليت وهم غائبون عن المجلس الذي تليت فيه، فمنهم أي من المنافقين من يقول: { أيكم زادته هذه إيماناً } وقولهم هذا تهكم منهم وازدراء قال تعالى { فأما الذين آمنوا } بحق وصدق { فزادتهم إيماناً } لأنها نزلت بأحكام أو أخبار لم تكن عندهم فآمنوا بها لما نزلت فزاد بذلك إيمانهم وكثر كما كان أن إيمانهم يقوى حتى يكون يقيناً بما يتنزل من الآيات وقوله { وهم يستبشرون } أي فرحون مسرورون بالخبر الذي نزل والقرآن كله خير كما هم أيضاً فرحون بإيمانهم وزيادة يقينهم { وأما الذين في قلوبهم مرض } أي شك ونفاق { فزادتهم رجساً } أي شكاً ونفاقاً { إلى رجسهم وماتوا وهم كافرون }. وقوله تعالى { أولا يرون أنهم يفتنون في كل عام مرة أو مرتين } أي أيستمر هؤلاء المرضى بالنفاق على نفاقهم ولا يرون أنهم يفتنون أي من أجل نفاقهم مرة أو مرتين أي يختبرون بالتكاليف والفضائح وغيرها { ثم لا يتوبون } من نفاهم { ولا هم يذكرون } فيتعظون فيتوبون هذا ما دلت عليه الآيات الأولى (124) والثانية (125) والثالثة (126) أما الآية الرابعة (127) فقد تضمنت سوء حال هؤلاء المنافقين وقبح سلوكهم فسجَّلَت عليهم وصمة عار وخزي إلى يوم القيامة إذ قال تعالى { وإذا ما أُنزلت سورة } أي وهم في المجلس وقرئت على الجالسين وهم من بينهم. { نظر بعضهم الى بعض } وقال في سرية ومُخافَتَه هيا نقوم من هذا المجلس الذي نعير فيه ونشتم { هل يراكم من أحد } أي من أصحاب محمد صلى عليه السلام فإن كان الجواب: لا يرانا أحد انصرفوا متسللين لواذاً قال تعالى في دعاء عليهم: { صرف الله قلوبهم } أي عن الهدى { بأنهم قوم لا يفقهون } أي لا يفقهون أسرار الآيات وما تهدي إليه، فعلتهم سوء فهمهم وعلة سوء فهمهم ظلمة قلوبهم وعلة تلك الظلمة الشك والشرك والنفاق والعياذ بالله تعالى.

هداية الآيات

من هداية الآيات:

1- تقرير مبدأ زيادة الإِيمان ونقصانه زيادته بالطاعة ونقصانه بالعصيان.

2- جواز الفرح بالإِيمان وصالح الأعمال.

3- مريض القلب يزداد مرضاً وصحيحه يزداد صحة سنة من سنن الله في العباد.

4- كشف أغوار المنافقين وفضيحتهم في آخر آية من سورة التوبة تتحدث عنهم.

5- يستحب أن لا يقال انصرفنا من الصلاة أو الدرس ولكن يقال انقضت الصلاة أو انقضى الدرس ونحو ذلك.

{ لَقَدْ جَآءَكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُمْ بِٱلْمُؤْمِنِينَ رَءُوفٌ رَّحِيمٌ } * { فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ ٱللَّهُ لاۤ إِلَـٰهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ ٱلْعَرْشِ ٱلْعَظِيمِ }

شرح الكلمات:

{ رسول من أنفسكم }: أي محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم من جنسكم عربي.

{ عزيز عليه }: أي شاق صعب.

{ ما عنتم }: أي ما يشق عليكم ويصعب تحمله.

{ حريص عليكم }: أي حريص على هدايتكم وما فيه خيركم وسعادتكم.

{ رؤوف }: شفيق.

{ رحيم }: يرق ويعطف ويرحم.

{ فإن تولوا }: أي أعرضوا عن دين الله وما جئت به من الهدى.

{ حسبي الله }: أي كافيّ الله.

{ لا إله إلا هو }: أي لا معبود بحق إلا هو.

{ توكلت }: أي فوضت أمري إليه واعتمدت عليه.

{ رب العرش العظيم }: عرش الله تعالى لا أعظم منه إلا خالقه عز وجل إذ كرسيه تعالى وسع السموات والأرض ونسبة الكرسي إلى العرش كحلقة ملقاة في أرض فلاة.

معنى الآيتين الكريمتين:

في ختام سورة التوبة يقول الله تعالى لكافة العرب: { لقد جاءكم رسول } أي كريم عظيم { من أنفسكم } عدناني قرشي هاشمي مُطَّلِبي تعرفون نسبه وصدقه وأمانته. { عزيز عليه ما عنتم } أي يشق عليه يشق عليكم ويؤلمه ما يؤلمكم لأنه منكم ينصح لكم نصح القوميّ لقومه. { حريص عليكم } أي على هدايتكم واكمالكم واسعادكم. { بالمؤمنين } منكم ومن غيركم من سائر الناس { رؤوف رحيم } أي شفوق عطوف يحب رحمتهم وإيصال الخير لهم. إذاً فآمنوا به واتبعوا النور الذي جاء به تهتدوا وتسعدوا ولا تكفروا فتضلوا وتشقوا. وقوله تعالى { فإن تولوا } أي أعرضوا عن دعوتك فلا تأْسَ وقل حسبي الله أي يكفيني ربي كل ما يهمني { لا إله إلا هو } أي لا معبود بحق سواه لذا فإني أبعده وأدعو إلى عبادته، { عليه توكلت } أي في شأني كله { وهو رب العرش العظيم } ما شاء كان وما لم يشأ لم يكن وهو على كل شيء قدير.

هداية الآيتين

من هداية الآيتين:

1- بيان مِنَّةَ الله تعالى على العرب خاصة وعلى البشرية عامة ببعثه خاتم أنبيائه محمد صلى الله عليه وسلم.

2- بيان كمال أخلاقه صلى الله عليه وسلم.

3- وجوب التوكل علىالله تعالى والاعتماد عليه في كل شيء يقوم به العبد.

4- عظمة عرش الرحمن عز وجل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
سورة التوبة
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» سورة النساء
» سورة الأنعام
» سورة الأنفال

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
۞♥ஜ منتدى صعوبات التعلم- عسر قراءة وكتابة ஜ♥۞  :: ♥القسم الاسلامى♥ :: أسلاميات-
انتقل الى: