الاشخاص الاصحاء يصنعون عالما صحيا

أعتقد أن الجميع سيتفق على أن مصر مقبلة على تغيير عميق، فمصر التي كانت موجودة في الماضي لا وجود لها الآن، ونحن نتحرك نحو المستقبل، ونحلم بمستقبل رائع لهذا البلد المدهش، لنا أن نتصور المساهمة في الحرية والديمقراطية والنمو والتغيير، وكل واحد منا مسؤول في جعل هذا التصور يتحول إلى مساهمة حقيقية، وكل واحد منا يحتاج إلى تحضير نفسه للمهمة الكبيرة القادمة، ليكون جاهزاً للقيام بها عندما يحين الوقت المناسب.


وصحتك الشخصية شيء مهم جدًا لتهتمي به في هذه الأيام، لأن هذا يؤثر في مجتمعك؛ فعندما تكونين في أفضل صحة سيتمكن مجتمعك من الاستفادة منك بشكل أحسن.

ما معنى صحة؟
الصحة وفقا لتعريف منظمة الصحة العالمية هي "حالة من اكتمال السلامة بدنيا وعقليا مع التوازن الاجتماعي". وكونك لا تعانين أي مرضٍ ليس معناه أنكِ في صحة جيدة، وحتى تكوني بصحة جيدة فعلاً يجب أن يكون لديكِ قوة وحيوية في كثير من جوانب حياتك.
وأن تتمتعي بصحقة حقيقية أمر لا يحدث عن طريق الصدفة، فهو شيء يتطلب العزم عليه والالتزام به وبذل الجهد لتحقيقه واستمراره.

لماذا صحتك مهمة؟
فكري في الأمر.. إذا افترضنا أن أفراد مجتمع ما كانوا مرضى، سواء جسدياً أو عاطفياً أو روحياً، فذلك المجتمع لا يملك فرصة كبيرة حتى يكون مجتمعًا صحيًا، فالأشخاص المرضى يصنعون مجتمعًا مريضًا.

وبالمقابل؛ فالأشخاص الأصحاء يصنعون مجتمعا صحيا، وبالتزامك برعاية نفسك فأنتِ تقومين بدورك على أجمل وجه؛ لتجعلي مجتمعك أفضل.

ما هي مظاهر الصحة؟
الصحة التي نتحدث عنها اليوم لها ثلاثة مظاهر هي: بدنية، عقلية، روحية.. وسوف نتطرق إلى كل مظهر من هذه المظاهر بشكل مستقل، وسنناقش الطرق التي ستساعدك في تحسين صحتك في كل مجال من هذه المجالات.

إن جسدك يحمل روحك خلال رحلة عمرك، فهو هدية من الله، وأنا مؤمنة بأنه واجب علينا عندما يحين الوقت لأن نعيده إلى الله؛ أن نعيده في أفضل حالة ممكنة.

1- الصحة البدنية:
الاهتمام بصحتك البدنية يرجع إلى الأفعال التي تقومين بها في حياتك اليومية للاهتمام بجسدك، ولقد تناولت هذا الأمر باستفاضة منذ عدة أسابيع مضت في المقال الذي تحدثت فيه عن الرومانسية وحب الذات.

وإليك بعض الاستراتيجيات الأساسية للرعاية الذاتية، حتى تصلي إلى أفضل حالة بدنية ممكنة، لتتمكني من مواجهة أية تحديات تقابلك في المستقبل.

أ‌- كلي جيداً، واختاري الأطعمة الطبيعية والصحية.

ب‌- مارسي رياضة، فقد صُمم جسدك ليتحرك! يمكنك أن تمشي أو تجري أو تذهبي إلى الجيم، فقط اتركي جلسة الأريكة وتحركي.

ج‌- تعرضي لأشعة الشمس، فعندما تعرّضين جلدك لأشعة الشمس فأنتِ بذلك تساعدين جسمك على بناء فيتامين (د)، والذي يفيد في بناء عظام قوية، ويساعد أيضا في تعزيز حالتك المزاجية.

د- احصلي على قسط من الراحة، اعملي بجد والعبي أيضاً، ولكن احرصي على أن تمنحي جسدك الراحة التي يحتاج إليها.

هـ- اشربي الماء بكثرة يومياً، فهو ضروري لصحة جيدة.

2- الصحة النفسية:
عندما أتحدث عن الصحة النفسية، فأنا أشير إلى الطريقة التي تفكرين وتحسين بها، فالشخص الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة يتمتع بالقدرة على التفكير بشكل واضح، لديه حلول خلاقة للمشاكل، ويتمتع بمزاج معتدل.

والشخص الذي يتمتع بصحة نفسية جيدة يعلم أن المشاعر التي تنتابه تكون مؤقتة وتتغير بانتظام.


وللاهتمام بصحتك النفسية يمكنك عمل الآتي:
أ‌- استخدمي حواسكِ الخمس؛ فوفقاً لجمعية علم النفس الأمريكية، يمكنك التمتع بالنشاط والتوازن من خلال استخدام حواسك الخمس: البصر والسمع واللمس والشم والتذوق، فيمكنك الاستماع للموسيقى التي تحسّن من مزاجك، بينما أنتِ ترين وتشمين بعض الزهور التي وضعتِها في مكان قريب، وأنتِ تدلكين قدميكِ بيديكِ في الوقت نفسه.

ب‌- افعلي شيئًا مفيدًا؛ قومي بالأمور التي تتحدى إبداعك وتشعرك بإنكِ شخصية منتجة، حتى لو لم تتقاضي على هذا الفعل شيئاً، ويمكنك القيام بأشياء مثل التطوع لمساعدة الآخرين، الرسم، الكتابة، أو العزف على أي آلة موسيقية.

ت‌- طوري شعورك بالامتنان؛ فكري في الأشياء التي تشعرين بالامتنان تجاهها، توقفي لحظة لتلتفتي إلى ما هو جيد وإيجابي وجميل في يومك.

ث‌- افصحي عن مشاعرك؛ فمشاعركِ القوية يجب أن تعترفي بها وتطلقي سراحها، استعيني بالأشخاص المحبين للحصول على الدعم والتشجيع.

3- الصحة الروحية:
أن تتمتعي بالصحة الروحية، فهذا بمنزلة بوصلة روحية يمكن الاعتماد عليها، لاتخاذ قراراتك وفقًا لقيم واضحة.

والوصول إلى الصحة الروحية أمر يتطلب منك ممارسة وانضباطًا، ولكن المكافأة وقتها ستكون مجزية.. كما أن تمتعك بالصحة الروحية يعني وجود الحب والتقدير.


واعلمي أنك أنتِ والآخريات من تُضِفن القيمة إلى الحياة، فحاولي أن تعيشي حياتك مع وضع هدف محدد أمامك، وكوني صادقة ولطيفة ومتسامحة؛ حتى يُمكن الاعتماد عليكِ.

وحتى تمتلكي صحة روحية؛ تقول لكِ د. دورثي نيدرماير إنكِ في حاجة إلى التركيز على أربعة أشياء، والطقوس الأربعة المهمة لإنشاء صحة روحية جيدة هي: الصلاة، والتأمل، والامتنان، وقضاء الوقت في الطبيعة.

أ‌- الصلاة: الدين والصلاة مهمان يُضْفِيان عليكِ الهدوء والسكينة في حياتك اليومية، فواظبي على الصلوات.

ب‌- التأمل: التأمل في أبسط صوره يتطلب منك الجلوس بهدوء وبشكل مريح، وإبقاء عينيك مغمضتين، مع الانتباه إلى تنفسك، وهذا التمرين يهدّئ العقل والجسم ويحافظ على روحك في حالة صحية.

ج- الامتنان: عندما تتذكرين النعم التي أنعم الله بها عليك خلال لحظات يومك، يجعلك هذا أكثر بهجة وإيماناً حتى في أصعب الأوقات.

د‌- الطبيعة: إن رؤية المياه، وغروب الشمس، والطيور، والأشجار ، وحتى الحشرات يجعلك ترتبطين بالله، ويجعلك تدركين أنكِ وكل صراعاتك ومشاكلك التي قد تمرين بها لستم سوى جزء صغير من عالم مذهل وجميل.

وأتمنى بعد أن قرأتِ هذا المقال أن تحاولي إكساب نفسك الصحة، وسأنتظركِ في الأسبوع المقبل؛ لنبدأ في الحديث عن المهنة وكسب الرزق.